مارفل والفيلم الهندي

من ضمن مقاطع الفيديو التي تصلنا على الـ«واتس أب» مقطع للقطة من فيلم هندي، أو بالأحرى من سينما جنوب الهند، يفعل فيها بطل الفيلم أشياء خارقة، كأن يقفز ويسبح في الهواء، ويهبط في حركة بهلوانية على قدميه.

يتم تداول المقطع بين مجموعات «واتس أب» بسخرية شديدة، لكن سأقول شيئاً هنا، وأتحدى أي شخص أن يعارضني: لو كانت تلك اللقطة من فيلم أميركي إنتاج هوليوود لما ضحك أحد ولتقبل الجميع اللقطة! فلماذا نسخر من فيلم هندي ونتقبل الأميركي؟

قد يقول شخص إن الفيلم الهندي يبالغ بطريقة تفوق التصور، لكن نقول إن في فيلم «فاست 8» يستخدم الممثل، دواين جونسون، يده في إبعاد صاروخ غواصة! ولم يضحك أحد ولم يتداول أحد المقطع، والحال تنطبق على كل أفلام عالم مارفل السينمائي، حيث كل الشخصيات خارقة، ولا تنطبق عليها قوانين الجاذبية الأرضية، وتسبح في الهواء وتفعل ما يحلو لها، ورغم ذلك لم نسخر منها وسخرنا من الفيلم الهندي ولا فرق بين الاثنين.. للعلم أن الفيلم الهندي أتقن صنع اللقطة بما لديه من مؤثرات خاصة.

• سبب سخريتنا من الفيلم الهندي وقبولنا الأميركي يرتبط مباشرة بالصورة النمطية التي تكوّنت لدينا عن الشخصيتين الهندية والأميركية.

سبب سخريتنا من الفيلم الهندي وقبولنا الأميركي يرتبط مباشرة بالصورة النمطية التي تكونت لدينا عن الشخصيتين الهندية والأميركية. الهندي مرتبط في أذهاننا بعامل المنزل أو سائق السيارة أو موظف البقالة والسوبرماركت أو الحلاق أو الخياط، وبالتالي فإن الصورة النمطية التي نحتفظ بها للهندي لا تتوافق مع حجم المنجز الذي شاهدناه، بكلمات أبسط: نحن نعلم أن اللقطة متقنة لكن هذا الإتقان لا يتوافق مع صدقية الصورة النمطية للشخصية الهندية، وبالتالي عدم قبولها يُترجم على شكل سخرية وضحك.

أما الشخصية الأميركية فتتميز بالعمل الشاق لتحقيق النجاح في ما تفعله، وإتقانه، وهي الشخصية التي أدخلت مصطلح «الاحترافية» أو Professionalism في علم الإدارة الحديث، كما تتميز بالالتزام والشفافية والنزاهة في العمل (نتحدث بصفة عامة)، وكل هذه السمات أسهمت في تكوين صورتها النمطية في أذهاننا.

أيضاً أميركا القوة العظمى الأولى في العالم تصنع أفضل الأسلحة، ولها أكبر اقتصاد، وتفرض رؤيتها في السياسات الدولية، ولها أقوى إعلام وأقوى وأكبر صناعة أفلام، وموطن أفضل شركات التقنية، كل هذا يعزز صدقية الشخصية الأميركية في أذهاننا، وبالتالي نتقبل كل مبالغات الأفلام الأميركية، ذلك لا يعني أننا نصدقها لكن نتقبلها، والقبول يترجم بعدم السخرية بصورة هستيرية أو عدم السخرية نهائياً كما نفعل مع الفيلم الهندي.

ختاماً: في فيلم «الحفلة» عام 1968، أدى الإنجليزي الراحل، بيتر سيلرز، دور ممثل هندي مدعو بالخطأ إلى حفلة باذخة في هوليوود، يرتكب فيها أخطاء عفوية نتيجة جهله بطبائع الغرب. رغم أن وجه سيلرز كان مصبوغاً بلون بني، وهو لون بشرة الهنود، ما يعد تنميطاً مهيناً للشخصية الهندية، إلا أن جملته الشهيرة في الفيلم :«في الهند، لا نفكر من نكون، نحن نعرف من نكون» أثارت الإعجاب الشديد لرئيسة الوزراء الهندية الراحلة، إنديرا غاندي.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة