5 دقائق

الخرز الأحمر

الدكتور علاء جراد

تدريب عملي بسيط أحرص على تطبيقه خلال البرامج التدريبية، حيث يقوم المشاركون بتحديد ثلاثة أشياء يرغبون بإيقافها في بيئة عملهم، أي يرغبون بأن تختفي هذه الأشياء، سواء كانت ممارسات أو سياسات أو إجراءات، والغالب أن جميع المشاركين يتفقون على الأشياء نفسها التي يجب إيقافها.

الرسالة التي أراد «ديمنج» إيصالها من تلك التجربة أنه لكي يكون الأداء ممتازاً، فلابد من إزالة الأخطاء الموجودة في نظام العمل.

هذا التدريب هو بمثابة «تحليل فجوات» يقوم به العاملون أنفسهم، ولا يحتاج إلى خبرات سابقة. أحياناً يكون الطريق لتحسين الأداء ليس في تبنّي ممارسات أو أنظمة عمل جديدة ولكن فقط بالتوقف عن بعض الممارسات القائمة بالفعل. هذه الممارسات، وربما الثقافة الموجودة، قد تكون سبباً رئيساً في تدنّي مستوى الأداء، والفشل في تحقيق أهداف المؤسسة. يمكن أن يُطلَق على هذه الممارسات «الخرز الأحمر»، وأستعير هذا التعبير من التجربة الشهيرة للدكتور «إدوارد ديمنج»، مؤسس نظرية الجودة الشاملة، حيث كان ديمنج يحضر علبة بها كمية من الخرز الأبيض والأحمر، ويطلب من المشاركين تعبئة مغرفة بالخرز على ألا يزيد عدد الخرز الأحمر على عدد معين، مثلاً ست أو سبع خرز، وكان المشاركون يبذلون أقصى جهد ممكن للإكثار من الخرز الأبيض في المغرفة دون الخرز الأحمر، والذي يعتبر وحدات تالفة، ويمثل وجوده في المغرفة تدني الأداء واحتواءه على أخطاء. ولكن لا ينجح أبداً أيٌّ من المشاركين في تفادي الخرز الأحمر نهائياً. الرسالة التي أراد «ديمنج» إيصالها من تلك التجربة أنه لكي يكون الأداء ممتازاً، فلابد من إزالة الأخطاء الموجودة في نظام العمل، أي لابد من إزالة الخرز الأحمر من العلبة تماماً، حتى نستطيع العمل في بيئة نظيفة، وكان دائماً يؤكد أن العاملين حريصون على تقديم أفضل ما لديهم وبذل قصارى جهدهم، ولكنهم بحاجة إلى معرفة ما الذي يجب القيام به، وكيف ولماذا. إذن على الإنسان الذي يصبو للتميز معرفة ما هو «الخرز الأحمر» في حياته، سواء الشخصية أم الوظيفية، فالمثال ينطبق على الصعيدين، هناك دائماً ذلك الخرز الأحمر الذي يقفز في كل شيء نقوم به، ليفسده ويشكل عقبة كؤوداً في طريق النجاح، فلابد من معرفة ذلك الخرز وتحديد موقعه، والعمل على إزالته، ولاشك أننا لو فكّرنا قليلاً سنتمكن، في غضون دقائق، من معرفة وتحديد الخرز الأحمر في حياتنا، فقد يكون الإصرار على تصرفات معينة تضايق من حولنا، وقد يكون الكسل، وقد يكون عدم الموضوعية، وقد يكون الانفعال والغضب، وجميعها سهل قولها وصعب تنفيذها، لكن إذا استطعنا تحديد وتعريف المشكلة فسوف نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً نحو حلّها والتغلب عليها.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر