5 دقائق

الرئيس المنتخب.. قبل البداية

عبدالله القمزي

كتبنا، في مقال سابق، عن عقلية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حسب ما رسمه أو شيطنه لنا الإعلام الديمقراطي المعادي له.

ترامب تغير فجأة بين يوم وليلة، وخفف من تصريحاته النارية إلى أخرى أكثر واقعية، ثم بدأ في عملية الانتقال إلى البيت الأبيض، وهي عملية إدارية معقدة للغاية، وهي أصعب على ترامب لسبب واحد هو أنه نفسه لم يتوقع انتصاره.

كل تصريحات ترامب، بما فيها تلك التي سبقت إعلان الفوز، لو أخذناها جدياً، وليس حرفياً، سنفهم أن الرجل كان يميل إلى الظن أنه سيخسر.

من علامات عدم توقع الرجل فوزه هو عدم استعداده لعملية الانتقال، فهو حسب مصادر مقربة مستغرب وجود أكثر من 4000 وظيفة شاغرة في البيت الأبيض، وبعض الهيئات الحكومية عليه توزيعها على الأشخاص المناسبين، وكان يظن أن كل الأشخاص المحسوبين على إدارة أوباما في البيت الأبيض، وتلك الهيئات، سيحتفظون بوظائفهم.

وعندما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن موضوع حيرته والفوضى المهيمنة على عملية الانتقال، سارع ترامب إلى الرد عليها عبر «تويتر»، بأن الأمور على ما يرام، ونعتها بالصحيفة الفاشلة (قد يكون محقاً في ذلك الوصف، بعد الإخفاق العظيم يوم 8 نوفمبر).

اتسمت العملية الانتقالية بنوع من التطهير (لا علاقة له بنوع التطهير في الفيلم السينمائي الشهير)، حيث شهدت العملية إجبار البرلماني السابق، مايك روجرز، على الاستقالة نتيجة صعود المساعدين السياسيين المقربين من ترامب، والذين سيشكلون ملامح الإدارة المقبلة.

روجرز كان عميلاً سابقاً في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، وكان يعتبر رمز استقرار للهيئات الاستخباراتية، وأساساً كانت هناك خطة لتنصيبه رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، لكن ما أغضب غلاة الجمهوريين كان تبرئته هيلاري كلينتون من أي أفعال خاطئة في حادثة بنغازي عام 2012، التي قتل فيها السفير الأميركي هناك كريس ستيفنز.

المتتبع لموضوع روجرز قد لا يراه غريباً، إذ إنه امتداد لعملية التطهير، فروجرز دخل في عملية الانتقال عن طريق كريس كرستي، رئيس الفريق الانتقالي السابق وحاكم نيوجيرسي، والذي أقيل أيضاً أول الشهر الجاري. مشكلة كريستي أنه ألقى القبض على تشارلز كوشنر، والد زوج ابنة ترامب عام 2005، عندما كان الأول نائباً عاماً، وأجبره على الاعتراف بتهم تتعلق بالتهرب من دفع الضريبة، وإسهامات غير قانونية في حملات انتخابية. المصادر الداخلية في حملة ترامب تشير إلى أن جاريد كوشنر زوج ابنة ترامب، هو الذي يقف خلف تلك القرارات التطهيرية.

نضيف إلى ذلك تباطؤ فريق ترامب الانتقالي في تزويد موظفي البيت الأبيض بقائمة أسماء الأشخاص المخولين من قبله، للاطلاع على أوراق وملفات تحوي معلومات سرية وحساسة تتعلق بالعمل الداخلي للحكومة الأميركية، هؤلاء الأشخاص من المفترض أن يلتقوا مع نظرائهم في إدارة أوباما، للإسراع في عملية الانتقال، التي تعتبر متأخرة شهراً حسب مراقبين.

مسك الختام: تباطؤ العملية الانتقالية يعكس صورة ترامب أثناء الحملة الانتخابية، حينما كان ينتقد الطريقة التي تجري بها الأمور في واشنطن، ولا يتردد في إظهار احتقاره للمؤسسات الحكومية، ومتردد في الخضوع للبروتوكول والتقاليد التي تحكم ما يحدث هناك. رغم ذلك لن نحكم حتى يدخل الرجل إلى البيت الأبيض، ونرى أداء الرئيس الجديد.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر