أبواب

جولة سياحية في طهران!

محمد حسن المرزوقي

لا تخافوا من العنوان، لن أضجركم، فهذا ليس مقالاً سياسياً. أعرف أنكم سئمتم المقالات السياسية عن إيران، وأعرف أن كل ما يمكن أن يقال عن إيران قد قيل، بشكلٍ جيّد أحياناً، وبشكلٍ رديء في أحايين أخرى.. وكثيرة.

لذلك، وكما يوحي العنوان، ووفقاً لقاعدة «أهل مكة أدرى بشعابها» سأترك الكاتبة الإيرانية آذر نفيسي، تأخذنا في جولة سياحية في طهران عبر كتابها «أن تقرأ لوليتا في طهران»، لنتعرف إلى هذا البلد بعيون إيرانية.

• ما إن تحط الطائرة في طهران، سنصطدم بالمزاج الكئيب والعدواني لمبنى المطار، الذي تزيّنه صور عملاقة لـ«الخميني»وهو يحدّق في العابرين بنظرات لائمة ومتوعدة، وستقول لنا نفيسي إن المطار، الذي كان يوماً مكاناً جميلاً وساحراً، أصبح يستنفر كل ما هو سيئ في داخلها.

ما إن تحط الطائرة في طهران، سنصطدم بالمزاج الكئيب والعدواني لمبنى المطار، الذي تزيّنه صور عملاقة لـ«الخميني»وهو يحدّق في العابرين بنظرات لائمة ومتوعدة، وستقول لنا نفيسي إن المطار، الذي كان يوماً مكاناً جميلاً وساحراً، أصبح يستنفر كل ما هو سيئ في داخلها.

أثناء سير السيارة في شوارع طهران، ستشير «نفيسي» إلى مبنى ببوابة خضراء، وستقول إن هذه جامعة «العلامة الطبطبائي» التي تميزت قبل الثورة بكونها الجامعة الأكثر ليبرالية في طهران، وسرت شائعة في ما بعد بأن أحد المسؤولين في وزارة التعليم العالي تساءل باستنكار ما إذا كان منتسبو الجامعة يظنون أنهم يعيشون في سويسرا (هذا التعبير كان يُستخدم لوصف الانحلال في الغرب)، وصارت مع الأيام «جا..إمعة» بفضل السياسة الإيرانية التي سعت لأسلمة المعاهد التعليمية.

سيتخذ صوتها، نبرة غاضبة، وهي تصف كيف قام أستاذ مبادئ الدين الإسلامي بالجامعة في إحدى محاضراته بالحديث عن الفرق بين المرأة المسلمة والمسيحية، فعرّف الأولى بأنها «تحافظ على نفسها وزوجها»، أما الثانية فلم يجد ما يقوله عنها سوى «إنها ليست عذراء»!

ستجابهها بسؤال، بما أنها فتحت ملف الأقليات، عن الاضطهاد والتمييز الطائفي الذي تتعرض له الأقليات السنية، وستنظر إليك باستنكار قائلة، إنكم أيها العرب تقدمون خدمات عظيمة لإيران عندما تحولون صراعكم السياسي مع النظام إلى صراع طائفي مع الشيعة؛ أولاً لأن المستفيد من أي حرب طائفية في المنطقة، وما تخلفه من فوضى وعدم استقرار، هي إيران، وثانياً لأن هذا يعطي انطباعاً للعالم بأن الأقليات، وبالتحديد السنة، وحدها المضطهدة، وهذا غير صحيح، فالطائفة البهائية مثلاً، بعد قيام الثورة، صودرت أملاكها وانتُزعت حقوقها المدنية وأُعدم زعماؤها.

ستواصل قائلة: نحن الذين نعيش هنا نعلم بأنه ليس مهماً، بالنسبة إلى النظام، أي ديانة نعتنق، وما إذا كنا ملتزمين بمذاهب معينة، فقد أصبحنا جميعاً نموذجاً مختلفاً عن أنفسنا، نموذجاً لمواطن إيراني يفصّله المرشد والطغمة الحاكمة على هواه.

ستشعر بأن الجو صار مشحوناً، وستطلب من «نفيسي» لتغيير الموضوع بأن تأخذك إلى المسرح أو السينما، ستضحك وهي تحكي لك كيف كان رقيب الأفلام والمسرح في إيران كفيفاً، وكان يستعين بمساعدٍ لأداء مهامه، يشرح له ما يجري على خشبة المسرح، فيعطي الرقيب الكفيف أوامره بعد ذلك بحذف الأجزاء غير المرغوب فيها.

وقبل أن تودّعها، ستسألها كيف يستطيع الإيرانيون مواصلة العيش في هذا الجحيم، وستبتسم «نفيسي» وتجيبك: يلغي الإيرانيون الذين يعيشون هنا تفكيرهم، ويتخيلون أنهم يعيشون في مكان آخر.. سويسرا مثلاً.

al-marzooqi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر