اجتماع العيد الجمعة

العيد سُنة مؤكدة على المسلم البالغ، وفرض كفاية على أهل البلد لإظهار شعيرة الإسلام، فإذا صادف العيد يوم الجمعة فإن الجمعة لا تسقط بصلاة العيد، عند جمهور أهل العلم؛ لأن العيد تطوع والجمعة واجبةٌ، ولا يسقط الواجب بالتطوع، فقد قال القاضي عبدالوهاب في المعونة 1/311 ما نصه: «إذا اتفق عيد وجمعة لم يسقط أحدهما الآخر»، ونحو ذلك في رد المحتار لابن عابدين الشامي 3/45، وذلك خلافاً لمن قال: إن حضور العيد يكفي عن الجمعة، ودليل وجوب الجمعة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}. وقوله صلى الله عليه وسلم: «رواح الجمعة واجب على كل محتلم»، كما أخرجه النسائي، ولأن شرائط الجمعة موجودة فلزم أداؤها لتوفر شروطها.

«أما صلاة الظهر فلا خلاف بين أهل العلم في وجوبها لمن كان معذوراً عن صلاة الجمعة».

وفصَّلت الشافعية في ذلك بين أهل البلد وأهل السواد الذين تلزمهم الجمعة لبلوغ النداء، فلا تسقط عن أهل البلد بلا خلاف، وتسقط عن أهل القرى على الصحيح إذا لم يكن عندهم جمعة، فإن كانت تقام عندهم فهم كأهل البلد، كما في المجموع 4/491، وذلك لحديث عثمان عند البخاري أنه قال في خطبته: «يا أيها الناس قد اجتمع عيدان في يومكم، فمن أراد من أهل العالية أن يصلي معنا فليصل، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف».

وذهب الإمام أحمد إلى سقوطها عمن صلى العيد، كما في المغني 2/358 وكشاف القناع 2/44 غير الإمام، أما هو فيجب عليه أن يجمّع بمن حضر، حتى لا يسقط فرض الوقت، وإنما قال الحنابلة ذلك قياساً على سقوطها عن ذوي الأعذار، وذلك لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن معاوية سأله: هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا؟ قال: نعم، صلَّى العيد أول النهار، ورخص في الجمعة، أخرجه أبوداود والنسائي.

وفي رواية من حديث أبي هريرة أنه رضي الله قال: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنَّا مجمِّعون». أخرجه أبوداوود.

أمـا صلاة الظهر فلا خلاف بين أهل العلم في وجوبها لمن كان معذوراً عن صلاة الجمعة، أو كان من أهل السواد إذا حضر صلاة العيد عند الشافعية، أو حضر صلاة العيد مطلقاً عند السادة الحنابلة، لأن العلة التي تسقط بها الجمعة هــي مشقة العود، أو حصول التذكير، لا تتحقق في إسقاط صلاة الظهر.

وعلم من ذلك كله أن جمهور أهل العلم لا يرون سقوط الجمعة يوم العيد.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة