لا تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك

يقولون دائماً «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، لكن يبدو أن هذه المقولة لم تعد فعالة، فالنظريات الحديثة والتجارب العملية تثبت أن هناك وجهة نظر أخرى، مفادها أن كل إنسان هو كيان مستقل، وله اهتمامات مختلفة، وشخصية وأسلوب فريدان من نوعهما، وبالتالي يجب ألا نجعل من أنفسنا مسطرة نقيس بها تعاملاتنا مع الآخرين، ولا نعاملهم بالطريقة التي نحب أن يعاملونا بها، فقد يؤثر ذلك سلباً، فيخلق هوة كبيرة في العلاقات، ويؤدي إلى نتائج عكسية.

«المشكلة الأساسية في العلاقات الإنسانية دائماً هي التوقعات غير الواضحة، أي أننا نتوقع من الطرف الآخر أن يسلك مسلكاً معيناً، ونفترض أنه يعرف ماذا نريد».

لنأخذ هذا المثال، مدير لديه وفد زائر من دولة أجنبية، يزور بلده للمرة الأولى، للتفاوض حول صفقة ما، هذا المدير يقوم باستضافة الوفد في أرقى مطعم بالمدينة، وفي أشهر فندق، ويظهر حفاوة بالغة، لأن هذه هي الطريقة التي يحب أن يعامَل بها هو لو كان ضيفاً في بلد الوفد، لكن الحقيقة أن الضيوف كانوا يتحدثون عن المأكولات المحلية التي سمعوا عنها كثيراً، ويتوقون لتناولها، ويتمنون الذهاب إلى مطعم شعبي، لكن ذوقياً لم يستطيعوا أن يطلبوا ذلك، لأن المدير قام بالحجز فعلاً، في حين أن مديراً آخر يمر بالتجربة نفسها، فيقوم بسؤال ضيوفه، ويخبرهم بأن لديهم خيارات متعددة في المدينة، منها المطاعم التي تقدم وجبات عالمية، وأيضاً المطاعم الشعبية التي تمنحك فرصة معايشة الواقع المحلي، فأي مطعم تفضلون؟ أعتقد أن المردود سيكون أفضل في الحالة الثانية. بالطبع هناك العديد من الأمثلة الأكثر عمقاً في العلاقات الإنسانية، لكن هذا المثال المبسط للتوضيح.

إن نجاح الإنسان مرهون بنجاحه في بناء علاقات مثمرة، مبنية على الثقة والتفاهم وتوضيح التوقعات، والمشكلة الأساسية في العلاقات الإنسانية هي التوقعات غير الواضحة، أي أننا نتوقع من الطرف الآخر أن يسلك مسلكاً معيناً، ونفترض أنه يعرف ماذا نريد، وماذا نتوقع، وفي الوقت نفسه، فإن الطرف الآخر يتوقع منا أن نسلك مسلكاً معيناً، لكنه لا يوضح ذلك، فكلا الطرفين لديه توقعات غير معلومة، وأحياناً تأخذ منحى سلبياً، ونطلق عليها «الأجندة الخفية» فنرهق من نتعامل معهم ويرهقوننا بسبب هذه الأجندة، وتتأزم العلاقات، ولا نستمع لبعضنا. يجب ألا نتوقع من الآخرين أن يحبوا ما نحب، ويكرهوا ما نكره، وأن يتبنوا وجهات نظرنا أو توجهاتنا نفسها. وقد لخص الدكتور «توني اليساندرا» ذلك فيما سماه القاعدة البلاتينية وهي: «عامل الناس كما يحبوا أن يعاملوا، وليس كما تحب أن يعاملوك».

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة