كل يوم

هنا أبوظبي

سامي الريامي

قبل سنوات عدة أصدرت إحدى الجهات العالمية المتخصصة في السياحة تقريراً تناول العديد من مدن العالم، وصنّف هذا التقرير مدينة أبوظبي على أنها «منطقة مملة لا روح فيها»، والآن وبعد أقل من 10 سنوات، صنفت هذه الجهة مدينة أبوظبي ضمن أفضل 10 وجهات سياحية في العالم.

هذه النقلة النوعية الكبيرة لم تأتِ من فراغ، وهي بكل تأكيد ليست عشوائية، بل هي نتاج خطط متوسطة وطويلة الأمد، وعمل دؤوب واستراتيجيات قابلة للتنفيذ تم وضعها والعمل على تنفيذها بدقة وإخلاص.

«قبل سنوات قليلة لم تكن هناك أي مشاركات دولية لأبوظبي، لكنها أدهشت العالم بمشروعات ثقافية وسياحية ضخمة، وأصبحت وجهات متعددة في وجهة واحدة».

وأولى خطوات النجاح كانت في مواجهة المشكلة، فعندما صدر التقرير المذكور، لم يتعامل معه المسؤولون في أبوظبي على أنه تقرير مغرض وموجّه لأغراض سلبية، بل تعاملوا معه على أنه تحدٍّ كبير تنبغي مواجهته، والاستفادة منه، فكانت أولى الخطوات إنشاء جهة مختصة في تنظيم القطاع السياحي، تعمل على تطويره وسدّ نواقصه وثغراته، فكانت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، التي عملت منذ إنشائها بأفكار وسواعد وطنية، لتحسين موقع المدينة السياحي وتطوير المنشآت السياحية فيها، واستقطاب الزوّار والسيّاح للدولة عموماً، ومدينة أبوظبي خصوصاً.

وبدأت أبوظبي تسير بثقة في المجال السياحي، واستطاعت تحقيق قفزات سريعة في مراحل وقتية قصيرة، فقبل سنوات قليلة لم تكن هناك أي مشاركات دولية للمدينة، ولم تكن هناك حملات إعلامية وترويجية، ولم يكن هناك موقع إلكتروني خاص بالإمارة، والآن تنتشر مكاتب الترويج لأبوظبي في دول الخليج العربي والهند وأستراليا وبريطانيا وأميركا وإيطاليا وألمانيا وغيرها.

أبوظبي أدهشت العالم بمشروعات ثقافية وسياحية ضخمة، فاستطاعت جذب متاحف عريقة مثل «اللوفر» و«جوجنهايم»، إضافة إلى تطوير قصر الحصن، واستطاعت جذب العالم في حلبة ياس لسباقات الفورمولا، كما استطاعت تنويع الوجهات والفعاليات والأنشطة السياحية بشكل قضى على «الملل» المزعوم إلى غير رجعة.

ميزة مدينة أبوظبي الآن أنها أصبحت وجهات متعددة في وجهة واحدة، فسياحة الجزر فيها مزدهرة مع جزيرة صير بني ياس والسعديات وجزيرة ياس الخلابة، وسياحة الصحراء والبر لمن يعشق ذلك موجودة، وبطابع مميز ومختلف في منتجعات صحراوية، وفي المنطقة الغربية تحديداً يجد السائح ما لا يجده في أي مكان في العالم، فهي المنطقة الوحيدة التي يستطيع فيها الإنسان السباحة مع الدلافين نهاراً، والتخييم في وسط الصحراء ليلاً.

كل ذلك وأكثر، لم يجعل المدينة تتجاهل ثقافتها وهويتها، فمزجت بين عناصر السياحة العالمية والثقافة المحلية بذكاء ونجاح، وعملت على الحفاظ على الهوية الإماراتية عالمياً، حيث سعت إلى تسجيل صناعة «السدو»، التي كانت مهدّدة بالانقراض في التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، وكذلك القهوة العربية ورقصة العيالة، إضافة إلى تسجيل 17 موقعاً في مدينة العين، وتعمل حالياً على المحافظة عليها وتسجيل المزيد من المواقع.

كل هذه الأمور في اعتقادي الشخصي هي مجرد بدايات، لأن طموحات أهل الإمارات عالية جداً، لا تحدها حدود، ولا تؤثر فيها تقارير، بل كل انتقاد يدفعنا إلى الإنجاز، فهنا حيث العمل يتواصل وغيرنا يتكلم، وهنا حيث الإنجاز يلحق بالإنجاز، ولا وقت للراحة، هنا حيث لا مجال للتكاسل.. هنا الإمارات.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر