«اربح ودع غيرك لا يخسر»!!

لن تسهم الشركات الأجنبية الضخمة في خدمة المجتمع، ولن تسهم في توظيف مواطني الدولة، ولن تفعل شيئاً سوى الاستفادة من التسهيلات الممنوحة لها من الحكومة لتعظيم أرباحها، هي لن تفعل شيئاً يذكر للمجتمع، لسبب بسيط، أنها تملك خيار تحقيق أعلى معدل ربح دون مقابل، فما الذي سيجعلها تحقق أرباحاً أقل، دون قانون أو إجبار؟!

هناك نوعان من الشركات الأجنبية الضخمة العاملة في الدولة، كلاهما مستفيد للغاية، لكن بدرجات متفاوتة، فالنوع الأول أسس مقار وفروعاً في مختلف أنحاء الإمارات، ويعمل بحرية دون قيود، ويعتبر أن دفع رسوم الكهرباء، وتأشيرات العمال، ورسوم التراخيص المختلفة هي الضريبة التي تستفيد منها الدولة، متناسياً أن ما تدفعه الدولة لتوفير هذه الخدمات أضعاف أضعاف ما يدفعه من رسوم، والخدمات التي يستهلكها الموظفون والعمال لا تمثل 10% من الرسوم التي تدفعها الشركات مقابل الموظف أو العامل!

«لابد من التفكير جدياً في وضع اشتراطات ومعايير وفئات لهذه الشركات، من ضمنها معيار المساهمة المجتمعية، ومعيار توطين الوظائف».

ومع ذلك فهذا النوع من الشركات أفضل من النوع الثاني، فهو أمره غريب وعجيب، إذ يشمل شركات أجنبية ضخمة للغاية تنفذ مشروعات بالمليارات، في حين أنها لم تكلف نفسها حتى عناء استئجار مقار لها في الدولة، تجمع الأرباح ولا تستفيد منها الدولة شيئاً، كما لا يستفيد منها الاقتصاد المحلي سوى أرقام زهيدة للغاية!

تدخل الدولة، وتنافس الشركات الوطنية، وتحصل على مشروعات ضخمة، تنفذها بأقل التكاليف، وتحقق أعلى الأرباح، ثم تبحث عن مشروعات غيرها، مثل هذه الشركات لن تسهم في أي شيء له علاقة بالمجتمع، لأنها ببساطة لا تعرف أي شيء عن المجتمع أصلاً، وجودها هنا لهدف واحد ولا شيء غيره، يتمثل في تحقيق أعلى ربح ممكن، فقط لا غير!

وبالتأكيد لسنا ضد مبدأ عمل الشركات الأجنبية، فالسوق مفتوحة والإمارات دولة مريحة اقتصادياً للقطاع الخاص، ولا أحد ضد أن يحقق القطاع الخاص أرباحاً، فلا يمكننا أن ننكر دور هذا القطاع في تطوير الأعمال بالدولة، لكن المطلوب الضغط على هذه الشركات للعمل وفق مبدأ «اربح ودع غيرك يربح»، لا مانع من الربح لكن ليس على حساب خسارة الدولة، وزيادة صرفها على مشروعات البنية التحتية، وتطوير الأعمال التي تجعل الشركات الأجنبية تضاعف أرباحها، من دون أن تستفيد الدولة من ذلك شيئاً!

لابد أن تبدأ الحكومة بالتفكير جدياً في كيفية ضمان تحقيق عوائد مباشرة، أو غير مباشرة من القطاع الخاص، ومن الشركات الأجنبية الكبرى، وهذا حق مشروع لا يمكن لأحد الاعتراض عليه، كما لابد من التفكير جدياً في وضع اشتراطات ومعايير وفئات لهذه الشركات، من ضمنها معيار المساهمة المجتمعية، ومعيار توطين الوظائف، ووفقاً لهذه المعايير يحق لهذه الشركات الدخول في المناقصات الحكومية، وتنفيذ المشروعات الضخمة، أو يتم استثناؤها لعدم فاعليتها في هذا الشأن، كما يمكن أن نطبق مبدأ «مرونة الرسوم»، فمن يهتم بالمجتمع والمواطنين ليس كمن يتجاهلهم، ووفقاً لذلك تختلف الرسوم على هذه الشركات!

الأفكار في هذا الاتجاه كثيرة، ولا شك في أن الجهات المعنية لديها أفكار مختلفة، المهم أن نبدأ بتطبيقها، ونعمل على وقف استغلال الشركات الكبيرة للتسهيلات الحكومية، والاستفادة من المشروعات الضخمة دون مقابل يُذكر، فالوضع الحالي غريب ومقلق!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

الأكثر مشاركة