5‭ ‬ دقائق

وبعدين‭!!

سامي الخليفي

عزيزي‭ ‬القارئ،‭ ‬أنا‭ ‬عطشان‭ ‬وخاطري‭ ‬أشرب‭ ‬ولو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬المكيف،‭ ‬بس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أتراجع‭ ‬وأتعوذ‭ ‬من‭ ‬إبليس‭ ‬وأقول‭ ‬أشرب‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬البحر‭ ‬أحسن،‭ ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬القديمة‭ ‬الجديدة‭:‬
في‭ ‬كل‭ ‬رمضان‭ ‬أحتفل‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬على‭ ‬ناصية‭ ‬الشارع‭ ‬بمناسبة‭ ‬بمرور‭ ‬عام‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التجاهل،‭ ‬لذا‭ ‬احتفلنا‭ ‬البارحة‭ ‬بمرور‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬مقال‭ ‬لي‭ ‬بجريدة‭ ‬محلية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬إحدى‭ ‬وعشرين‭ ‬طلقة،‭ ‬ألقيت‭ ‬خطاباً‭ ‬شهيراً‭ ‬تقدمت‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بطلب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬مجاني‭ ‬لسيارتي،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير،‭ ‬فصفق‭ ‬الحضور‭ ‬وباركوا‭ ‬الإنجاز‭ ‬وتمنوا‭ ‬لي‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام‭ ‬مقبلة‭ ‬من‭ ‬التجاهل،‭ ‬فشكرتهم‭ ‬متمنياً‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليهم،‭ ‬ورجعت‭ ‬للمنزل‭ ‬مهزوم‭ ‬الخاطر‭ ‬مكسور‭ ‬الوجدان‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭.. ‬يا‭ ‬ولدي‭!‬
فصدق‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تصدق،‭ ‬أن‭ ‬علاقتي‭ ‬بالوسط‭ ‬الثقافي‭ ‬أو‭ ‬الصحافي‭ ‬كعلاقة‭ ‬خالتي‭ )‬حمامة‭( ‬بالهوت‭ ‬ميل،‭ ‬وكلما‭ ‬قلت‭ ‬يمكن‭ ‬يتعدل‭ ‬الحال‭ ‬وتعود‭ ‬المياه‭ ‬لمجاريها‭ ‬فوق‭ ‬السطوح‭ ‬وخلاص‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬يصلح‭ ‬سيارته،‭ ‬أكتشف‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬ولا‭ ‬خيط‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬النفق،‭ ‬فخلال‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭ ‬لم‭ ‬أتلقَ‭ ‬دعوة‭ ‬من‭ ‬السادة‭ ‬محترفي‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬الفضائيات‭ ‬لحضور‭ ‬أمسية‭ ‬أو‭ ‬ندوة‭ ‬أو‭ ‬محاضرة‭ ‬أو‭ ‬مهرجان‭ ‬أو‭ - ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله‭ - ‬حفل‭ ‬إفطار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬تنتظره‭ ‬المعدة‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بشغف‭ ) !‬ ملحوظة‭: ‬الدعوة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تلقيتها‭ ‬هي‭ ‬دعوة‭ ‬المظلوم )‭!‬
وخذ‭ ‬فكرة‭ ‬واشتري‭ ‬بكرة،‭ ‬وأياً‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬فلم‭ ‬أقرر‭ ‬بعد‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬والتفرغ‭ ‬لبناء‭ ‬أسرتي‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬عضلات‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬كلفة‭ ‬التشغيل‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انبعاث‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬ودائماً‭ ‬أروح‭ ‬المطار‭ ‬أستقبل‭ ‬وأودع‭ ‬وعمري‭ ‬ما‭ ‬حد‭ ‬استقبلني‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ودعني،‭ ‬وحين‭ ‬احتجبت‭ ‬الأسبوعين‭ ‬الماضيين‭ ‬أخذت‭ ‬بنصيحة‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائي‭ ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬استثماري،‭ ‬لضرب‭ ‬طبيب‭ ‬أو‭ ‬استشارته،‭ ‬فجاءت‭ ‬نتيجة‭ ‬فحص‭ ‬الدم‭ ‬تؤكد‭ ‬حاجتي‭ ‬للتطعيم‭ ‬ضد‭ ‬شلل‭ ‬الأطفال،‭ ‬وأن‭ ‬أبنائي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التطعيم‭ ‬ضد‭ ‬فقدان‭ ‬الهوية،‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬تناولهم‭ )‬أندومي‭( ‬وتحول‭ ‬أشكالهم‭ ‬فلبينيين‭!‬
والناس‭ ‬للناس‭ ‬والكل‭ ‬بالله،‭ ‬والصورة‭ ‬حلوة‭ ‬بس‭ ‬الشاشة‭ ‬غشاشة،‭ ‬وهذا‭ ‬المقال‭ ‬ليس‭ ‬للإطلاع‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬للتفكير‭ ‬والتدبر‭ ‬في‭ ‬مخلوقات‭ ‬الله،‭ ‬فبعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬عشتها‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬التغطية‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬النظر‭ ‬للكاتب‭ ‬المحلي‭ ‬وبين‭ ‬الالتفات‭ ‬إليه‭ ‬مسيرة‭ ‬خمسمائة‭ ‬عام‭ )‬اللي‭ ‬مو‭ ‬عاجبه‭ ‬ينتف‭ ‬حواجبه‭(‬‭ ‬  ،ولسلامة‭ ‬النية‭ ‬سأقول‭ ‬كلاماً‭ ‬مكرراً‭ ‬بس‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬يجيب‭ ‬نتيجة‭: ‬الكتابة‭ ‬فن‭ ‬وذوق‭ ‬وأخلاق‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مشاهد‭ ‬اليوم‭ ‬هز‭ ‬أكتاف،‭ ‬واستعراض،‭ ‬واهتمام‭ ‬بالغريب‭ ‬وإهمال‭ ‬المحلي،‭ ‬أقول‭ ‬قولي‭ ‬هذا‭ ‬وأستغفر‭ ‬الله‭ ‬لي‭ ‬وحدي‭! ‬أقصد‭ ‬لي‭ ‬ولكم‭.‬
نضرة‭ ‬بعين‭ ‬الرضا‭ ‬يا‭ ‬سادة‭!‬


samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
 

تويتر