5 دقائق

والله الموفق!

سامي الخليفي

يبدأ الطلبة، خلال هذا الأسبوع، وبتوقيت دورينا امتحاناتهم النهائية، بعدها تستكمل دورة الأفلاك والأجرام السماوية، وينتهي العام الدراسي الذي طالما انتظرته الشوارع والبيوت والجبال والروابي والوديان والحقول والأنهار والمحيطات «وأنا وانته»، وبصراحة منذ تزوجت وأنا أجلس كالتمثال، أستمع يومياً إلى نشرة الأخبار العائلية من المدام، فأتركها تتحدث وتتحدث وأيضاً تتحدث، فالزبون والزوجة دائما على حق، واحتراماً للعشرة الطويلة بيننا عاهدت نفسي ألا أنام وهي مستيقظة، ولا أنصرف وهي جالسة، ولا أغيب وهي حاضرة، لهذا أحيي كل رجل، متزوج وعنده عيال، ولايزال «عايش».

في يوم أغبر، بعد أن شربت شاياً سيلانياً خفيفاً مغشوشاً، أخذت المدام تعيد الأسطوانة المشروخة نفسها، ومفادها أن من واجبي كأب الاستعداد جيدا لمراجعة الدروس للأبناء (عندها مواعيد في الصالون)، وكأي أب حاول بكل ما أوتي من حكمة، خطها الزمان في شعره الأبيض وصلعته الوقور، تقديم النصح إلى ابنه على أمل أن يصبح مستقبلا (سعادة المهندس الدكتور السيد المحاسب الكيميائي اللواء رئيس مجلس الإدارة)، قمت باستدعاء ابني الوحيد الذي أعده سندي وذخري وحامل لواء «العبط» من بعدي، وعلى استحياء (خوفاً من ردة فعله)، قمت بمحاولة إقناعه بضرورة الاستعداد جيداً للامتحانات، فالأمل معقود عليه ليهتك ستار المجهول، وينفذ إلى ما وراء الطبيعة، ويحصل على نسبة 99.99٪، ويدخل التاريخ من الباب الملكي، لكن ما أصابني بطعنة قوية في عاطفة الأبوة هو اكتشافي أن الولد «طمه» ـ كلمة محلية تجدها في القاموس قبل «مصرقع»، وبعد «أهبل» ـ يعني يا ريت طلع حافظ مش فاهم مثل معظم الطلبة، لا بالعكس، طلع لا حافظ ولا فاهم، يعني من كنا نحسبه ـ من وجهة نظرنا ـ واجهة مشرفة، طلع بلكونة تطل على مكب للنفايات، من وجهة نظر الدروس والمنهج وفيثاغورس.

طارت النشوة وتبخرت الأحلام وخرجت فئران الدنيا كلها من شقوقها، لتلعب في «عبي»، فقد تأكدت أن الولد راسب راسب، وبما أننا نعيش في زمن انحسرت فيه القراءة (مع أنها للجميع)، وبدأت مصانع الأقلام تغلق أبوابها، إلا أن هذا لم يمنعني من البحث عن شخص من المتبحرين في العلم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، صحيح أن وزارة التربية تؤكد أنها ستعاقب مَنْ يزاول تجارة الدروس الخصوصية، ومجلس أبوظبي للتعليم يعتبرها عملية غير أخلاقية، إلا أن هذا الكلام يظل كلاماً، بمعنى أن الوزارة تشجب، والمجلس يستنكر، وأنا أؤيد، وبعد يومين الوزارة تستنكر، والمجلس يؤيد، وأنا أشجب، ونستمر على هذه الحال (أخوك عند أبوك)، فمادام بعض المدرسين متحفزين، بحسهم وحواسهم، ويقدمون إعلاناتهم على صفحات الجرائد، ويلصقون خدماتهم على أعمدة النور، وبطريقة «على عينك يا تاجر»، فستظل الأوضاع كما هي.

مطلوب مدرس، للتواصل الإيميل في الأسفل!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر