5 دقائق

« نوبل » والعرب

حمدان الشاعر

مع كل إعلان لجوائز نوبل يزداد تشاؤمنا بأننا غير جديرين بالتفوق بين الأمم، وأن ثمة مسافات وحواجز تحول بين العرب ونظرائهم من شعوب الأرض. مع كل إعلان لا نتلمس ولو بصيص أمل في آخر نفق اليأس المتراكم فينا من أن هناك أملاً في المستقبل إن ظل حالنا على ما هو عليه.

توكل كرمان استحقت جائزة السلام لهذا العام بنضالها وعزيمتها، في وقت ما كان ليغفل فيه الربيع العربي من المشهد العالمي، فجاء ليكرم المرأة العربية في شخص توكل تقديراً لتاريخ المرأة ونضالها في مقاومة الظلم والاستبداد، وأظن أنه إنصاف للمرأة العربية في كل مكان وليس في اليمن فقط.

تظل «نوبل» منصة عالمية لتقدير وتكريم المنجزات العظيمة للبشرية، فتقدير العلم والعلماء كان كفارة «ألفريد نوبل» عن اختراعه للديناميت وما قد ينجم عنه من قتل وتدمير إذا أسيء استخدامه، فبإحساس العالم ومسؤولية المخترع ابتكر جائزة عالمية تسمى باسمه لتشتهر أكثر من شهرة اختراع الديناميت، فغدت نوبل اليوم تكرّم المبدعين في الفيزياء والكيمياء والطب والاقتصاد، إضافة إلى الأدب والسلام، وعلى الرغم من الانتقادات التي توجه إلى لجنة جائزة نوبل (المعينة من قبل البرلمان النرويجي) بعدم الحيادية وتكريس الليبرالية، إلا أن الجائزة في قامتها وفئاتها تبقى ذات مصداقية لا تقبل الجدل في تقدير العلم والعلماء، لإنجازات لا تتأتى إلا بعمل دؤوب (حتى الأموات هذا العام كان لهم نصيب في هذه الجائزة).

أكثر ما يحبطنا أننا لانزال لا نملك فرصة الحصول على نوبل في مجالات العلوم، ومن غير المنظور كذلك أن يكون لنا نصيب فيها في قادم الأيام، فحتى عندما فاز أحمد زويل بجائزة الكيمياء فإنه حازها في بيئة أميركية ومختبرات أميركية وبتمويل أميركي. فالبيئة هي الحافز الفعلي للنجاح، فعندما تتوافر بيئة محفزة يكون حصادها مبدعين ومتفوقين، والشاهد هنا أن العرب لا تنقصهم العقول ولا الطاقات ولكنها البيئة الطاردة والمحبطة من حولنا، فأمة تمجد العلم وتحترم العقل حري بها أن تتألق بين الأمم، خصوصاً أن تاريخها حافل بالمنجزات الإنسانية العظيمة (نوبل الكيمياء لهذا العام منحت لعالم إسرائيلي اكتشف زخارف بلورية تشبه الفسيفساء العربية)، فالشغف بالعلم سمة تلحظها لدى الصغار لكنها سرعان ما تذوب لعدم وجود بيئة ملائمة تحرص على تنمية مهارات النشء وتطوير قدراتهم.

القضية هنا ليست جينات وراثية، بل هي مسألة إعداد صحيح وتحفيز فعال، فبدلاً من أن يحلم الصغير بأن يكون لاعب كرة فلنجعل حلمه أن يصبح عالماً ونعمل على تسخير الإمكانات المؤهلة لذلك، فماذا لو أعيدت صياغة التعليم وتحول إلى شأن حياتي لا غنى عنه تنطلق منه البحوث والاختراعات، فالإمكانات متوافرة والعقول متحفزة، ولكن تنقصنا الإرادة المسؤولة في الإجابة عن أسئلة معلقة حتى إشعار آخر.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر