رؤية

القطاع الخاص والعمالة الوطنية

نجيب الشامسي

لقد أكدنا في مناسبات عدة حقيقة الدور السلبي الذي يمارسه القطاع الخاص في التنمية الشاملة، لاسيما الاقتصادية. وأشرنا إلى أن هذا القطاع لم يكن قط وطنياً في هويته، وفي سياساته، أو منهجية العمل فيه، أو في أهدافه التي تركزت على تحقيق أرباح كبيرة خلال فترة قياسية، حتى لو كان ذلك على حساب إغراق سوق العمل بالعمالة الوافدة، وبسلع وبضائع رخيصة ومقلدة ومغشوشة في بعض الأحيان، وقد كان ولايزال انتهازياً وسلبياً في دوره التنموي، فيما أصحاب القرار ينتظرون قيادته قاطرة التنمية في دولتنا!

تلك الحقائق التي نشهدها نحن، ويلمسها أصحاب القرار في وزارتي الاقتصاد والعمل، الذين أكدوا في ندوة نظمتها دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي أن نسبة العمالة المواطنة في الدولة ستشهد تراجعاً ملموساً خلال الفترة المقبلة، لتزيد العمالة الأجنبية التي نصفها يحمل الشهادة الإعدادية، وفيما يؤكد المدير التنفيذي لقطاع السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد أن «الدولة لم تنجح حتى الآن في انتهاج استراتيجيات ناجحة للعمل والتوطين في القطاع الخاص»، يرى أن «نسبة التوظيف في القطاعات التي حددتها الدولة مثل المصارف تُعد معدلات وهمية، لأن التوظيف يتم في وظائف هامشية لا تؤثر في العمل الحقيقي»، فماذا يعني هذا؟ وأين يكمن الخلل؟

هل يعني تمرد القطاع الخاص، واستغلاله لكل الثغرات القانونية، وغياب السياسات العمالية، ومنهجية الاحلال والتوطين؟ هل يعني أن أصحاب القرار في القطاع الخاص ومعظمهم من الأجانب لا يعيرون التنمية ولا سياسة العمل ولا القرارات أي اهتمام، طالما أنهم متكئون على شريحة من أصحاب النفوذ الذين هم طرف مباشر في هذا الخلل المخيف؟ هل يكمن الخلل في غياب القوانين والتشريعات المنظمة لسوق العمل والقوى العاملة في الدولة؟ أم في غياب استراتيجية التنمية، وتوزيع الأدوار بين القطاعين الخاص والحكومي أو العام؟

وأين وزارة العمل المعنية بتنظيم سوق العمل؟ هل تنبهت أخيراً لخطورة الموقف لتقوم بدراسة شاملة لإعادة هيكلة سوق العمل، والحد من العمالة الهامشية، وتدفق العمالة الأجنبية غير الماهرة، حسب ما جاء على لسان مدير إدارة المعايير والسياسات في الوزارة؟ ومتى سيتم الانتهاء من الدراسة؟ وهل ستترجم إلى قرارات؟، وهل مصير القرارات التطبيق أم التعطيل، طالما أن أصحاب القطاع الخاص لايزالون يتكئون على قوة أصحاب النفوذ؟!

وإذا كان قطاع المصارف الذي يُعد الأكبر بالنسبة للقطاعات الخاصة، والمستفيد الأكبر من السوق، يوظف المواطنين في وظائف هامشية، وإذا كان قطاع التأمين وهو القطاع الثاني من حيث الحجم والاستفادة لا تجاوز نسبة المواطنين فيه 1٪، وإذا كانت هناك قطاعات لا تزال (محرمة) على المواطنين، وإذا كانت نسبة المواطنين ستتراجع، لأن هناك تدفقاً في العمالة الوافدة إلى داخل سوق العمل، ونزيف السيولة من شرايين اقتصادنا لايزال مستمراً، فماذا ننتظر من القطاع الخاص؟ وكيف هي رؤيتنا لقطاع هو غريب في هويته، انتهازي في سياسته، سلبي في دوره؟ وهل مازلنا ننتظر قيادته قاطرة التنمية؟ وأي تنمية تلك؟!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر