رؤية

كيف نعمل على تنمية ثروتنا السمكية

نجيب الشامسي

الأسماك تشكل غذاءً رئيساً لشريحة كبيرة من سكان الإمارات، والطلب عليها يتزايد مهما ارتفعت أسعارها، وهي ثروة وطنية يمكن أن تشكل شرياناً اقتصادياً في الناتج المحلي الإجمالي، ومورداً مالياً لميزانيات الحكومات، ودخلاً جيداً للمواطنين العاملين في مهنة الصيد، وقد كانت تشكل أحد الموارد الغذائية والمالية في ما قبل الطفرة النفطية، وأصبحت تشكل مورداً مالياً مهماً لشريحة من الآسيويين الذين أدركوا أهمية هذه الثروة وما تدره من مال وفير عليهم، فغزوا البحر واستخدموا مختلف وسائل الصيد المشروعة وغير المشروعة منذ فترة زمنية طويلة، وفي ظل وزارة كان يطلق عليها «وزارة الزراعة والثروة السمكية»، قبل أن تتدخل هذه الوزارة وتسنّ تشريعاتها المنظمة للصيد، لكن يبدو أن القناعة لم تكن كبيرة في قطاع الثروة السمكية والزراعة، حتى تم إلغاء الوزارة وإغفال المزارعين وقطاع صيد السمك، لتترك الفرصة كاملة للعابثين بثروة سمكية هي ثروة قومية وغذاء أساسي لسكان الدولة!

سلطنة عمان هي إحدى الدول التي تشترك معنا في المنطقة نفسها وفي البحار نفسها، أدركت مدى أهمية هذه الثروة وعملت على تطويرها واستثمارها لتسهم بشكل متصاعد في الناتج المحلي الإجمالي، ولتتبوأ السلطنة المرتبة الثانية بعد المغرب في خريطة الإنتاج السمكي العربي، فلماذا لا تبدي الدولة اهتماماً بهذه الثروة التي هي إحدى عطايا الرحمن، والتي كانت تمثل عنصراً مهماً في حياتنا الاقتصادية؟ لماذا لا تكون هناك إدارة اقتصادية ناجحة تطور قطاع الثروة السمكية وتنمّيه لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، في ظل رغبة الدولة في تنويع مصادر الدخل والقاعدة الإنتاجية في الاقتصاد الوطني؟

إن الاهتمام بالثروة السمكية في خليجنا العربي يمكن أن يحقق عدداً من الأهداف الاقتصادية التي أشرت إليها، ثم تحقيق الأمن الغذائي الذي يفترض أن يكون شغلنا الشاغل في هذه المرحلة لجعل هذا القطاع المهم مساهماً فعلياً في الاقتصاد الوطني، لتعظيم الفائدة منه من خلال تنميته بآليات مبتكرة، ووفق سياسات محددة، وإقامة صناعات سمكية ناجحة لزيادة القيمة المضافة في هذا القطاع، سواء في تصنيع السمك أو تعليبه أو تسويقه مبرداً أو طازجاً ثم تصدير الفائض منه إلى دول عديدة، ومنها دول أوروبية كما تفعل سلطنة عُمان.

إن الاهتمام بالبعد التصنيعي في هذا القطاع وفق آليات وسياسات محددة إنما يعني اهتمام الدولة بواحد من أهم القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن أن مراحل التصنيع والتعليب والتسويق ستوجد فرصاً واعدة لشريحة من أبناء الإمارات للعمل في مختلف تلك المراحل، ثم إن هذا القطاع سيوفر فرصاً استثمارية أمام رؤوس الأموال والاستثمارات الوطنية، إذا ما أجرت الجهات المعنية مسوحات للقطاع، وقدمت دراسات جدوى اقتصادية للمستثمرين في مختلف مراحل الصيد والتعليب والتبريد والتسويق والتصنيع، وهنا يجب إبعاد كل الأيادي الأجنبية من هذه المراحل وكذلك رؤوس الأموال الأجنبية، كي لا يتعرض هذا القطاع للنهب والعبث كما كان عليه الوضع خلال فترات مختلفة، ومازال هذا العبث مستمراً في أسواقنا التي هيمنت عليها شريحة من الأجانب في مختلف مراحلها التقليدية.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر