رؤية

يوم الوقف ويوم المحاسبة!

نجيب الشامسي

قال تعالى في سورة آل عمران {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، ليدعونا إلى أهمية الإنفاق في سبيل الله، ويؤكد حق الفقراء على الأغنياء. وجاء رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليقول في حديثه: «إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، ليحدد عليه الصلاة والسلام مصارف وأنواع الصدقات في دعوة إلى التقرب إلى الله تعالى.

وإذا كانت الإمارات تتخذ الإسلام ديناً، والقرآن منهجاً وصراطاً، فلمَ صور الفقر التي تطل بقوة في نسيج المجتمع؟ ولماذا تزايدت أعداد الجمعيات الخيرية والإنسانية التي يطالب المسؤولون فيها، ويستجدون أغنياء المجتمع لمد يد العون والمساعدة؟

ولماذا جمعيات الوقف الإسلامي على مستوى الدولة تناشد الأغنياء تقديم الدعم حتى لبيوت الله من مساجد، ودور أيتام، ورعاية اجتماعية، وخدمة مجتمع؟ لماذا أعداد الفقراء من أبناء الوطن والمقيمين على أرضه تسجل تزايداً ملحوظاً في مجتمع ينشد الناس فيه الاستقرار الاجتماعي، والتنمية والرفاهية، باعتبار أن الدخل القومي يسجل ارتفاعاً، فيما تعد الدولة من الدول التي تسجل دخلاً قومياً كبيراً، قياساً بنمو سكانها، خصوصاً مواطنيها؟

أين القطاع الخاص، الذي ينشده الوطن وقيادته السياسية، بأن يكون له دور حضاري وتنموي وقيادي في ظل استفادته من خيرات البلاد والعباد، هذا القطاع المتسم بالسلبية الواضحة في التعاطي مع معطيات التنمية الاجتماعية والبشرية، كثيراً ما ناشدته الأقلام والإعلام عموماً، بضرورة أن يضطلع بدوره، ويكون شريكاً حقيقياً في التنمية، ولكن لا جدوى ولا صدى. رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس هذه الدولة وحكيمها، الذي جعل فلسفة العمل التنموي لديه في جعل «الإنسان أساس التنمية ومحورها وأساسها»، وكثيراً ما كان يبدي استغرابه وجود مواطنين لا يملكون منازل تؤويهم وأسرهم، وكثيراً ما ناشد تجار الدولة الذين كانوا يترددون عليه لمنحهم تسهيلات ودعـماً، حينمـا خاطبهم في إحـدى المناسبـات قائلاً: «أنتم يا التجار خاصة، حد منكم عمل عيادة حق هالبشر؟ هلكم هاييلا.. بني عمكم، إخوانكم، بساهمونكم في الشطة (الشدائد)، بساهمونكم، موب في الراحة، بس حد عمل عيادة؟ حد عمل مستوصف؟! حد عمل وقف للأيتام؟ حد عمل وقف للعجزة؟ حد عمل وقف للأرامل؟! حد عمل وقف للمعوقين؟! حد عمل لهم شيء؟».

بعد مضي أكثر من 10 سنوات على مرض المغفور له ثم رحيله، وبعد أن سجلت أرصدة الأغنياء أرقاماً قياسية، وثرواتهم من العقارات والأسهم والشركات والودائع المصرفية معدلات متضخمة، هل قدّم الأغنياء والأثرياء من مواطنين وأجانب شيئاً لهذه الدولة التي قدمت لهم الكثير، واحتضنت جزءاً كبيراً من ثرواتهم، أم ظل الأغنياء يمارسون هوايتهم في امتصاص خيرات البلاد والعباد، فيما فقراء الدولة والمحتاجون ومؤسسات المجتمع الإنسانية بحاجة ماسة حتى لو في قليل مما كسبوا أو «امتصوا». هل من وقفة ومحاسبة لهؤلاء الأغنياء على تقصيرهم.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر