رؤية

المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. هل هي الحل؟

نجيب الشامسي

في كل لقاء أو حفل أو منتدى أو مؤتمر حول الموارد البشرية والتنمية الاقتصادية يتحفنا المشاركون بتجاربهم ونصائحهم، التي يؤكدون فيها أن تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الخلاص من ظاهرة معدلات البطالة الوطنية المتزايدة، فهل هذه هي الحقيقة؟

وفي حين يعصرنا الألم حينما تطالعنا صحافتنا بأرقام البطالة في دولة محدودة في عدد مواطنيها، غنية في ثرواتها وفرص العمل فيها، نلاحظ أن المؤسسات الحكومية والخاصة منشغلة تماماً عن مواجهة هذه الظاهرة، وغير عابئة بتداعيات وآثار البطالة، وكأن حق العمل لم يعد حقاً دستورياً نص عليه دستور الدولة المؤقت ثم الدائم، ورحم الله المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد حينما أكد أن الإنسان هو أساس التنمية وهدفها ومحورها، والإنسان هنا هو الإنسان الإماراتي وليس المستورد؟

إن أولئك المنادين بتوجيه أبناء الدولة نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير محقين في طرحهم، وغير أمينين على هذه الدولة وشعبها، إذ كيف للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يملكها مواطنون من محدودي الدخل أو العاطلين أن تصمد أمام اجتياح المشروعات الكبرى ـ لاسيما الأجنبية منها ـ لأسواقنا واقتصادنا؟ ومن أين لهؤلاء المواطنين بموارد أو دخول مالية يستطيعون استثمارها في مشروع صغير أو متوسط؟! هل يقترضون من المصارف ويرهنون أنفسهم وأسرهم ومشروعاتهم الصغيرة هذه للمصارف الدائنة؟! وهل مشروعاتهم التي حتماً ستكون ضعيفة وهزيلة تستطيع أن تصمد أمام طوفان الاستيراد وسياسة الانفتاح الاقتصادي والتجاري التي تتغنى بها مؤسسات الدولة الاقتصادية؟ ماذا ستنتج المشروعات الصغيرة والمتوسطة هذه، هل خدمات أم سلعاً وبضائع؟ هل ستجد الثقة من قبل الهيئات والمؤسسات والدوائر الحكومية أو تجد دعماً من المشروعات الكبيرة التي يملكها «الهوامير»، لاسيما الأجانب منهم؟ وما الدعم الذي يمكن أن يجده أصحاب هذه المشروعات من مؤسسات الدولة، هل في إعفائهم من رسوم الرخص؟ ما رأي المتبنين لهذه الفكرة في أهمية وجدوى هذه النوعية من المشروعات في مجتمع اقتصادي يسيطر عليه «الهوامير» ، أم أن هذه المشروعات عبارة عن تقليعة جديدة يروج لها من يحاول تحجيم دور أبناء الدولة في إدارة شؤونهم الاقتصادية والتجارية؟

إن نجاح فكرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دولة ما أو مجتمع ما لا يعني بالضرورة نجاحها في دولتنا في ظل وضعية اقتصادنا وتركيبته، وصيغة العمل التي تدار بها أسواقنا، وسلطة القرار التي تملكها شريحة من التجار الأجانب، ثم في ظل صور الاحتكار التي تتسم بها أسواقنا؟ نعم نجحت هذه المشروعات، لكن في مجتمع غير مجتمعنا، وفي اقتصاد غير اقتصادنا، وفي سوق غير سوقنا، وإذا نجح مشروع أو مشروعان أو عدد ضئيل من الشركات في دولتنا، فإن هناك عشرات من المشروعات التي لم تحقق النجاح، بسبب تلك الوضعية، وتكبد أصحابها خسائر كبيرة، وربما مصير المستمر منها مهدد بالتوقف أيضاً، فهل نعي حقيقة الترويج لهذه الفكرة؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر