كل يوم

مستشفيات «ترانزيت»!

سامي الريامي

عندما يصبح التعامل مع أرواح المواطنين بلا مبالاة ولا مسؤولية، فإن المسألة تصبح خطاً أحمر ويجب التعامل معها بحزم، وعندما يتحول دور مستشفيات في الدولة من تقديم العلاج إلى المصابين والمرضى إلى تسريع وفاتهم والقضاء عليهم، فإن المسألة تحتاج إلى تدخل من كل الجهات التنفيذية، وحتى القضائية المحلية والاتحادية.

نعم، هناك مستشفيات في الدولة يمكن اعتبارها شكلية فقط، أما الواقع فلا خدمات ولا إمكانات ولا أطباء «مثل الناس»، وفوق هذا كله إهمال ولا مبالاة، وتقصير في تقديم الواجب الإنساني قبل الوظيفي.

هناك مستشفيات في الإمارات الشمالية دورها يتمحور فقط في كونها محطات «ترانزيت» للمرضى والمصابين استعداداً لنقلهم إلى مستشفى راشد في دبي، ما أدى في المقابل إلى زيادة الضغط على هذا المستشفى بشكل كبير، وبدرجة أعلى بكثير من طاقته الاستيعابية، الأمر الذي يؤثر في مستواه وجهد أطبائه، فهل يعقل أن يعمل مركز الحوادث في مستشفى راشد، الذي تبلغ طاقته الإجمالية، وفقاً للدراسات السابقة 70 ألف مصاب سنوياً؛ على علاج أكثر من 160 ألف مصاب؟ كيف يمكن لنا أن نتخيل أعداد المصابين بشكل يومي؟ وهل يعقل أن يحصلوا على خدمات علاجية كافية من قبل الأطباء والممرضين؟ بالتأكيد لا، فهناك مصابون يتم إخراجهم من غرف العناية الفائقة، ليس لأنهم أنهوا فترة علاجهم، بل لأن هناك من هم أسوأ حالاً منهم بحاجة إلى أسرّتهم!

وجود مركز الحوادث في مستشفى راشد تسبّب في تسرب اللامبالاة عند معظم أطباء مستشفيات الإمارات الشمالية، فبدأوا يكتفون بتحويل المصابين من دون التفكير حتى في تقديم العلاجات الأولية لهم، وهذه اللامبالاة تسببت في وفاة عدد كبير من المواطنين متأثرين بجروحهم، إذ لم يحصلوا على العلاج الأولي المناسب أثناء وقوع الحوادث، ولاشك أن فترة الوصول إلى دبي قد تنقل روح إنسان من الحياة الدنيا إلى الآخرة، خصوصاً في الحوادث المرورية المرعبة.

مواطن مسنّ توفي، أول من أمس، لأمر قد يتسبب في إجراء تحقيق موسع وغضب شعبي وبرلماني، وقد يتسبب في إقالات وعقوبات كبيرة في أي من الدول الأوروبية، لن يصدق أحد بالطبع، لكن هذا ما حدث، توفي هذا المواطن متأثراً بمرضه الشديد لأنه لم يجد طبيباً يعطيه العلاج اللازم في الوقت المناسب، ليس لأن الأطباء مشغولون في غرف العمليات، بل لأن الأطباء يستمتعون بإجازاتهم الأسبوعية، ولم يوافق منهم أحد على قطعها لمتابعة حالة المريض!

إنها ليست افتراءات، وربما الواقع أسوأ بكثير مما قرأتم، وبشكل يجعلنا نتساءل عن السبب في غياب الاهتمام الطبي والصحي في تلك المناطق، سواء من وزارة الصحة الاتحادية التي تقع على عاتقها مسؤوليةإنشاء المستشفيات، أو حتى من الحكومات المحلية التي تستثمر في كل شيء إلا في المستشفيات وصحة البشر!

هل عجزت وزارة الصحة طوال السنوات الماضية عن إنشاء مركز حوادث في الإمارات الشمالية، شبيه بذلك المركز المقام في مستشفى راشد؟ إنها 100 مليون درهم تسببت في إحداث نقلة نوعية في دبي، وأسهمت في إنقاذ عشرات الآلاف من المصابين، فهل هذا المبلغ صعب على وزارة الصحة، أو حتى على الحكومات المحلية في تلك الإمارات؟!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر