رؤية

الحوار الاستراتيجي مع أوروبا

نجيب الشامسي

ترتبط دول الخليج مع دول الاتحاد الأوروبي بعلاقات تاريخية ومصالح مشتركة منذ زمن بعيد، ومع تنامي أهمية دول الخليج اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وفي ظل الأهمية الاستراتيجية لدول الاتحاد الأوروبي، مع احتدام المصالح وتزايد حدة الصراع العالمي على مصادر الطاقة والاستثمارات ورؤوس الأموال والأسواق التجارية، فإن الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج مرشحة للتزايد، كما أن درجة سخونة المنطقة مرشحة للتصاعد.

ومن هنا فإنه حري بنا في دول الخليج أن نضع أجندتنا أمام المصالح الاستراتيجية الأوروبية بحيث تتضمن عدداً من القضايا الأساسية والمطالب المشروعة التي يمكن الاتحاد الأوروبي أن يساعدنا في تحقيقها، ولما كانت دول الخليج مصدّرة لرؤوس الأموال والاستثمارات لدول الاتحاد الأوروبي فإننا بحاجة إلى استثمارات أوروبية من نوعية معينة يجب تضمينها أجندة الحوار الاستراتيجي مع أوروبا، ومنها استقطاب شركات أوروبية عريقة تمتلك ميزة نسبية في قدراتها الرأسمالية والفنية والخبرات المتميزة لمساعدة دولنا في دعم مشروعات التنمية الشاملة والمحافظة على البيئة، ثم تنويع القاعدة الإنتاجية لاقتصاداتنا، ثم تسويق الفرص الاستثمارية المتوافرة في أسواقنا وقطاعاتنا الاقتصادية.

ولما كانت دول الخليج تمتلك ميزة نسبية في بعض الصناعات، ولاسيما صناعات البتروكيماويات ومشتقات النفط والألمنيوم وبعض الصناعات الغذائية، فإن من حقها مطالبة دول الاتحاد الأوروبي بإزالة كل العقبات التي تحول دون نفاذ الصادرات الخليجية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، كما أن من حقها أيضاً أن تحصل على ميزة تفضيلية لصادراتها في الأسواق الأوروبية من منطلق تكافؤ الفرص وتبادل المنافع.

من ناحية أخرى، فإنه بسبب حساسية هذه المنطقة وأهميتها الاستراتيجية لمختلف دول العالم، ومنها دول أوروبا، فإن الاتحاد الأوروبي بما يمتلكه من نفوذ دولي وحضور استراتيجي في العالم مطالب بشكل جاد أن يعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي، لاسيما أن منطقة الخليج تعرضت لأزمات عديدة وصعبة عرضت اقتصاداتها لنكسات وكبدت موازناتها الحكومية خسائر كبيرة، ومازالت هذه المنطقة عرضة لتهديدات إقليمية ودولية، وبالتالي فإن الحوار الاستراتيجي مع دول الاتحاد الأوروبي يجب أن يتضمن إبعاد الطرف الأوروبي هذه المنطقة عن أي صراعات أو توترات، والعمل على حمايتها من أي هزات أو حروب جديدة تؤثر في أوضاعنا الاقتصادية ومشروعاتنا التنموية.

وحتى نستطيع الحصول على مطالبنا في حوارنا الاستراتيجي هذا، فإن حوارنا يجب أن يستند إلى فهم دقيق وصحيح للمصالح الاستراتيجية الأوروبية في منطقتنا، مع عدم إغفال الحد الأقصى الذي يمكن أن نصل مع الجانب الأوروبي إلى تحقيقه، بالنظر إلى المصالح الاستراتيجية الخليجية لدى الجانب الأوروبي وآليات الحوار التي توصلنا إلى تحقيقها، وتكون مصالح الطرفين أساس الحوار الاستراتيجي.

alshamsi.n@hotmail.com

 

تويتر