‏‏

‏جزرة الثواب وعصا العقاب!‏

صلاح بوفروشة الفلاسي

‏تلعب القوانين العقابية دوراً حيوياً في ضبط السلوك إلى حد بعيد، وهي متعددة وتخص أكثر من جانب، في حياة الأفراد، ومن أهم هذه القوانين تشريعات السير والمرور، التي تولي لها كل الدول اهتماماً واسعاً، وفي دولة الإمارات يوجد قانون للسير والمرور صدر في عام ،1995 وتم تشريعه ليُطبق على مستوى الدولة، ويحل محل بعض التشريعات المحلية التي كانت سارية في بعض إمارات الدولة، وقد نظم العديد من الجوانب التي تخص استعمال المركبات بمختلف أنواعها، من حيث الترخيص، التسجيل، والتزامات قائدي المركبات، بالإضافة إلى سن مجموعة من العقوبات تطبق حال مخالفة الالتزامات المقررة، أو بما يُسمى بالجرائم المرورية، كقيادة المركبة تحت تأثير الكحول. قانون السير والمرور أدخلت عليه تعديلات عدة منذ صدوره، ولعل أهم التعديلات التي تعتبر «نوعية»، تلك التي طُبقت في مطلع شهر مارس لعام ،2008 والتي من خلالها تم استحداث نظام النقاط المرورية الصادر بموجب القرار الوزاري رقم 127 لسنة 2008 في شأن قواعد وإجراءات الضبط المروري، وما يُميز النظام تحديد 147 مخالفة مرورية، وهي ذات قيمة مالية متفاوتة، تصل في أقصاها إلى 3000 درهم، وأدناها إلى 100 درهم، بالإضافة إلى نظام حجز المركبات لمدد متفاوتة، مستحدثاً مخالفات السرعة المتغيرة والتدرج في تغليظ الغرامة طبقاً لمقدار السرعة، كما يتم حجز رخص قيادة المخالفين لمدد مختلفة حال وصول رصيد النقاط لدى المخالف، إلى الحد التراكمي وهو 24 نقطة، ما يعني حجز الرخصة لمدد تراوح ما بين ثلاثة أشهر وسنة في أقصاها، والنظام حاول تحفيز بعض المخالفين، وثنيهم عن التمادي في ارتكاب المخالفات، سعياً منه إلى الحيلولة دون ارتكاب مخالفات جديدة! فتجد مثلاً أنه يمحو النقاط التي مر عليها سنة، ولم تصل إلى الحد التراكمي، كما أن اجتياز السائق المخالف دورة تدريبية في معهد سياقة معتمد «قبل بلوغ الحد التراكمي» يُمحي ثماني نقاط من مجموع النقاط المسجلة، وذلك لمرة واحدة في السنة. إن النظر في أمر مكافأة الملتزم وعدم مساواته في نهاية المسار مع المخالف، أمر في غاية الأهمية، وسينعكس ذلك بالإيجاب على مستوى السلامة المرورية، وتتعين «دراسة» هذا الأمر على نحو متقدم، لاسيما أن التعديل الأخير لقانون السير قد خلا من الحوافز قبل الملتزمين، كما أن المخالفات المرورية المقيدة في ازدياد ملحوظ، حيث ارتفعت نسبتها وفق وزارة الداخلية اتحادياً حتى مطلع مارس 2010 إلى 33.94٪. في تصورنا نحن بحاجة إلى «تشريع» غير مسبوق، يتم من خلاله إطلاق مجموعة من المزايا يستفيد منها من لم يرتكب المخالفات فقط، بحيث يتم إعطاؤه حوافز وأفضلية في تجديد وتسجيل المركبات، بالإضافة إلى التأمين الذي يُشترط وجوده قانوناً، فما الضير من وجود نظام مقابل محفز لمن لم يتسبب في أية خسائر لشركات التأمين؟ وأما إذا أردنا إبقاء أمر التحفيز قائماً قبل المخالفين، فينبغي استحضار أن المخالف في حقيقة الأمر مشروع خطر مستمر، كما أن الثواب والعقاب وجهان لعملة السلامة، والنظر في أحدهما بمثابة عدم استحضار ثواب الجزرة وعصا العقاب!‏‏

alfalasi.salah@gmail.com

 

تويتر