‏‏

‏من المجالس‏

‏راح علي ضحية «ضرابة» تجاوزت حدود «الشقاوة» إلى «الفتونة» لتصبح جريمة قتل على طريقة أفلام الـ«أكشن». وحادثة قتل الطفل علي، هي تكرار لمشاهد اعتداءات أخرى، كان أبطالها أفراد عصابات تشكّلت ليس بعيداً عن أنظار المجتمع ومؤسساته المختصة، وتكاثرت في ما بين «الفرجان» مرة، وبدافع من العصبيات الاجتماعية مرة أخرى. وعلى الرغم مما أحدثته من صدمات للمجتمع والرأي العام، إلا أن علاجها تأخر، الأمر الذي زاد من استفحالها لتخرج من حدود الحالات المعزولة إلى تولد ثقافة العنف، ولتهبط من مستوى الشباب إلى مستوى الفتيان والمراهقين. لن نسميها ظاهرة حتى لا ينزعج القائمون على الشأنين الاجتماعي والتربوي، وسنذهب مع الرأي القائل بأنها حالات محدودة، ولكننا لن نتجاوز الحقيقة ونقول إنها حالات معزولة. ومع الإقرار بأن الأجهزة الأمنية هي الأكثر اهتماماً وانشغالاً بهذه الحالات، والأبرز دوراً في ملاحقتها والتصدي لأطرافها، فإن الحقيقة تؤكد أن المشكلة ليست أمنية بالدرجة الأولى بقدر ما هي مشكلة سلوكية تربوية ذات أبعاد اجتماعية، ولذلك، فإن دور الأمن ربما يكون الأخير في سلسلة الأدوار المطلوبة، فثقافة العنف تحاصرنا من كل الاتجاهات، وتدهم نفوس أطفالنا في كل الأوقات وبلا أي حواجز أو مصدات، وتؤثر في قناعات الكثير منهم، وتصيغ أفكارهم، وتوجه سلوكهم. وسائل الإعلام، دور السينما، والإنترنت، أصبحت هي العنصر الأقوى في توجيه سلوك الصغار والكبار، يزيد على ذلك أخبار جرائم القتل لأتفه الأسباب، والاعتداء وهتك الأعراض التي تنشرها الصحف في كل يوم، كل ذلك تسبب بتخفيف وطأة هذه الحوادث على النفوس ونزع عنها صفة الاستهجان وإثارة الغضب ووضعها في خانة التندر والاستغراب، والخوف من أن يتحول هذا الفتور في تلقي أخبار الجرائم إلى شعور بالتعايش والبحث عن مسوغات لن تكون العولمة وتداعياتها خارج دائرتها، عندها لن نتمكن من إنكار«الظاهرة». والاستمرار في العزف على مقولة ''الحالات المعزولة'' . وحتى لا يحدث ذلك نحن بحاجة الى ''استراتيجية'' قابلة للتنفيذ تعيد للتربية اعتبارها وللاستقامة معناها.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر