بعيد المنال

أحمد المزاحمي

لم تبخل المؤسسات الإسكانية في الدولة، سواء الاتحادية منها أو المحلية، بالجهد أو بالمال لتوفير المساكن الجاهزة للمواطنين بأعلى المعايير والمواصفات المميزة والراقية، كما أنها لم تبخل في منحهم قروض السكن الميسرة، ما يجعل المواطن فخوراً بما تم إنجازه وتحقيقه على أرض بلاده. وتمنح البرامج والمشروعات الإسكانية في الدولة قروضاً ومساكن جاهزة، وفقاً للمعايير والشروط المتوافرة لديها التي تشترطها كل مؤسسة على حدة، ويعتمد هذا على حسب الإمارة وعلى حسب راتب أو دخل المستفيد. وعلى الرغم من أن هناك مؤسسات إسكانية تمنح قروضاً تصل إلى 500 ألف درهم و750 ألف درهم، بحسب كل إمارة، إلا أن ظروف المتقدم تختلف عند طلب الحصول على منحة أو قرض من مواطن إلى آخر، فأحدهم يقطن في بيت ورثة، والثاني يسكن في مسكن والده، وآخر يسكن بالإيجار. كما أن هناك اختلافاً في الرواتب والحالات الاجتماعية، فمنهم من يتعدى راتبه الـ10 آلاف درهم، وهناك المطلقة والأرملة والشاب الذين يعيلون أسرهم، أو العازبة التي تكفل إخوانها اليتامى. وتختص لجان الإسكان بدراسة الحالات والنظر فيها على حسب الظروف المعيشية للمستفيد، ليتم لاحقا البت فيها. لكن الملاحظ أن الأزمة المالية العالمية قد دفعت بعض البنوك إلى التوقف عن تمويل المشروعات السكنية للمواطنين، فيما وضعت أخرى شروطا قاسية لمنح التمويل زادت من معاناة المواطنين، خصوصا في ظل ارتفاع فوائد القروض طويلة الأجل التي تصل إلى 20 عاما. وعلى الرغم من أن البنوك أصبحت البديل للمواطن، لكنها غير متاحة بشكل جيد بالنسبة للقروض، إذ إن هناك فئة من المواطنين أصبحوا يعيشون ضائقة مالية وهم متحيرون في أين سيذهب هذا الراتب؟ هل للقروض الشخصية أم لمصاريف الحياة أم للأقساط الدراسية أم للقروض الاسكانية، وكثير منهم يطرح هذا السؤال على نفسه أين سيذهب الراتب الشهري الذي سأتقاضاه؟ وآخرون يحاولون الاقتراض من ذويهم لكي يسايروا أعباء الحياة العامة ومستلزماتها في ظل غلاء المعيشة في الوقت الحالي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من يساعد المواطنين على مواجهة زيادة الفائدة على القروض السكنية، التي تضاف إلى أعباء المعيشة اليومية في ظل الغلاء الذي نعيشه؟ فقد تلقى «الخط الساخن» اتصالات وشكاوى عدة بشأن عدم قدرة المواطنين على استكمال أقساط قروضهم، فيما ليس من مسؤولية الحكومة أن تدفع عن هؤلاء المتعثرين فوائد مديونياتهم للبنوك، خصوصا هؤلاء الذين يسعون لاستكمال قيمة البناء في ظل رواتب متواضعة. إن المواطن الذي يعيش في معاناة مستمرة مع القروض السكنية، يسأل «هل سيذهب راتبه للقروض السكنية أم لمصروفات دراسة أبنائه ومستلزمات أسرته الحياتية»، مطالبا بإيجاد حل عاجل وجذري لتلك المشكلة، لقد لمست من خلال تفاعلي مع شكاوى الناس مطالبتهم بإنشاء بنك حكومي اتحادي متخصص بتوفير التمويل السكني، من خلال منح قروض ميسرة بأسعار فائدة أقل من البنوك التجارية، أعتقد أن هذه فكرة تستحق النظر والدراسة، لما فيها من مردود إيجابي للمواطن لمساعدته على إدارة حياته وإبعاد حمل السكن عن كاهله، حتى لا يظل السكن حلما بعيد المنال بسبب فوائد البنوك.

 

hotline@emaratalyoum.com

تويتر