أقول لكم

محمد يوسف

أجلت كتابة هذا المقال حتى اللحظات الأخيرة المتاحة لي، انتظرت إلى أن أسمع شيئاً، أي شيء قد يصدر عن أمين عام الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي، وبحثت عن بيانات قد تطلقها دولة عربية متحمسة أو دولة أوروبية تدعي وقوفها إلى جانب الحق والعدل، ولم أجد شيئاً، لا بياناً ولا كلمة ولا حتى عتاباً، فهذا الذي حدث ليس أكثر من تصرف إسرائيلي عادي كما يبدو، فماذا يعني فتح فوهات سد ممتلئ بالماء على قطاع غزة؟ وماذا يعني غرق أحياء كاملة، ودمار مزروعات، وموت بضعة أشخاص؟ هي جريمة ضد الإنسانية، نعم، يمكن أن تكون كذلك، ويمكن أن يقف العالم على رجل واحدة من هولها، ويمكن أن تجيش الجيوش لردع مرتكبيها، ويمكن أن ينعقد مجلس الأمن الدولي ويصدر إنذاراً لوقفها وإزالة آثارها خلال ساعات، ويمكن أن يتباكى كل رعاع العالم في الشوارع، ولكن الفاعل لا يخضع للممكن والمعقول، ولا تقترب منه كل كيانات العالم، ولا يتجرأ أحد على مجرد لفت نظره حتى من باب إصلاح الخطأ، وللأسف، أننا أصبحنا مثل الآخرين في كل ما يتعلق بإسرائيل واعتداءاتها على المبادئ والقيم الإنسانية، وبتنا نلجأ إلى الصمت، وكأن البيانات الشاجبة والمستنكرة أصبحت قريبة من إعلان الحرب على إسرائيل، ولهذا نخاف من إصدارها، فالكل يطلب السلامة عندما يتعلق الأمر بفعل قبيح من أفعال الصهاينة، وربما هم يعلمون بأن هناك من يحمي كل تلك التصرفات، وإن وصلت إلى تقرير إدانة، ولكنّ أحداً لم يطلب منهم أكثر من لفت النظر إلى جريمة ترتكب ضد شعب محاصر من كل الاتجاهات، بعد أن دمرته الطائرات بصواريخها وقنابلها المحرمة دولياً، فقط لفت نظر العالم إلى أن إغراق غزة بتحويل السيول الجارفة ومخزونات السدود ليس فعلاً إنسانياً، ولا تقولوا جريمة إذا كانت هذه الكلمة ستغضب نتنياهو وعصابته، فأين بان كي مون مما حدث؟ وأين عمرو موسى؟

 

myousef_1@yahoo.com

تويتر