الأمم المتحدة في دبي

سامي الريامي

بذلت دبي جهوداً حثيثة في أواخر التسعينات، لوضع مجسم تذكاري ضخم يمثل جائزة دبي الدولية لأفضل الممارسات التي أنشأتها دبي بالتعاون مع المنظمة الدولية، في قاعة رئيسة داخل مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، الواقع على ضفاف النهر الشرقي من مانهاتن.

وتم قبول طلب دبي، ليتوسط المجسم الجميل الذي صمم على شكل «بارجيل»، إحدى أهم قاعات المنظمة، وفي مكان بارز ولافت، وكان ذلك دون شك إنجازاً مهماً لجائزة دبي الدولية ولمدينة دبي.

ولكن هذا ليس كل شيء، وإن كان طموح دبي في التسعينات أن تدخل الأمم المتحدة عن طريق مجسم للبارجيل، فطموحها اليوم تعدى ذلك إلى ما هو أكبر، فهي الآن مستعدة لاستضافة مبنى الأمم المتحدة بكامله في دبي.

الموضوع ليس سهلاً، لكن الأمر الآن تغير كثيراً، وأصبحت الفكرة مقبولة عالمياً، فالأمم المتحدة أوصت بترك المبنى بشكل مؤقت إلى سنغافورة بحلول عام 2015 ،في حين أن سنغافورة لا تشكل خياراً مفضلاً للكثيرين كما ذكرت مجلة «فوربس» الأميركية، لأنها تعد من البلاد المزدحمة، عالية التكاليف، فضلاً عن التشريعات القانونية الصارمة، وبعدها عن مركز العالم.

ومن حسن الحظ فإن جميع سلبيات اختيار سنغافورة، تتحول إلى نقاط إيجابية في حق دبي، فهي أفضل موقع جغرافي مؤهل لاستضافة مبنى الأمم المتحدة، وهي أسهل منطقة لوصول ملياري شخص في أقل من ست ساعات عبر واحد من أهم وأكبر مطارات العالم، ودبي مليئة بالفنادق، وتضم بنية تحتية وسياحية تنافسية لا نظير لها، إضافة إلى احتوائها على 65 مليون قدم مربعة من المساحات المكتبية، و200 برج من المباني الشاهقة، يزينها اليوم برج خليفة الأطول من نوعه في العالم.

الأهم من ذلك أن وجود مبنى الأمم المتحدة في دبي فيه فائدة للطرفين دون شك، فالمبنى الحالي في نيويورك بات واحداً من أقدم وأسوأ المباني، حيث بدأت أعمال بناء المقر سنة ،1947 وانتهت في سنة 1952 ،لكن المبنى افتتح في 9 يناير 1951 .ويبلغ عدد موظفي الأمانة العامة في الأمم المتحدة، 7500 موظف، ويوجد عدد مساوٍ تقريباً، تُغطى تكاليفهم من التمويل الخاص. وينتمي هؤلاء الموظفون إلى زهاء 170 بلداً. أما إجمالي عدد الموظفين الذين يعملون في منظومة الأمم المتحدة وبرامجها ووكالاتها المتخصصة، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، نحو 61 ألف شخص في جميع أنحاء العالم!

هذه الأمور جميعها، هي مزايا تؤهل دبي، فهي الوحيدة القادرة على التعامل مع هذه الأعداد والأعمال، في الوقت نفسه الذي لن تجد فيه الأمم المتحدة مكاناً مناسباً لكل هذا النشاط أفضل من دبي، ويكفي أن نعرف أن الإحصاءات تشير إلى قيام 37 مليون «سائح» بزيارة مقر الأمم المتحدة منذ افتتاحها، ولاشك أن الرقم سيتضاعف لو استضافت دبي هذا المقر.

إنه حلم وفائدة اقتصادية وسياسية وعالمية للإمارات، ويبقى علينا العمل على تحقيقه، وأعتقد أن تشكيل لجنة من كبار المسؤولين في الإمارات للعمل على كسب الرأي العام العالمي لاستضافة المقر هي ا لخطوة المقبلة إن كنا نرغب في تحقيقه، وأعتقد أننا نملك الخبرة الكافية لذلك، خصوصاً بعد تجربة مقر «إيرينا»، ووجود عبدالله بن زايد على قمة وزارة الخارجية الإماراتية.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر