أقول لكم

محمد يوسف

نحن قد نمزح أحياناً، ويتقبّل الناس مزاحنا، ولكن المسؤولين، خصوصاً الكبار منهم، وأقصد أصحاب السعادة أو المعالي، فهم من غير المسموح لهم إطلاق «النكات»، بناءً على متطلبات المهام الموكلة إليهم، ومقتضيات المصلحة العامة، فالمسؤول كلامه «من ذهب»، ولهذا، يجب أن يكون موزوناً بميزان دقيق، حتى يكتسب كل المعايير المطلوبة منه، منها المعيار المنطقي أولاً، فلا يمكن أن يصدر عن مسؤول كبير مثلاً كلام غير منطقي ولا «يبلع»، ثم يأتي معيار الصدقية، فأي مسؤول يجب أن يتحلى بالصدقية في كل ما يقوله، من أجل صورته الجميلة التي يجب أن يحافظ عليها، وهناك معيار ثالث، وهو مهم جداً، إنه «الإيفاء بالوعد»، فالمسؤول الذي يَعِد لابد أن يفي حتى لا يسقط من عيون الناس! ومناسبة حديثي هذا هو ما قرأته خلال الأيام الأخيرة من تصريحات لبعض المسؤولين في الصحة، أقصد الوزارة والهيئات هنا، حول الخدمات الطبية وحالة بعض المستشفيات عندنا، وبصراحة، اعتبرت كل ذلك مجرد «مزحات» يريدنا الإخوة الأعزاء أن نضحك عليها، حتى يخففوا من معاناتنا اليومية، وهذا ما يجعلنا نسامحهم عليها، ولكننا عندما نتذكر أن كلام المسؤولين لا يقبل المزاح نتوقف، ونضرب كفاً بكف، ونعلن حزننا وأسانا، وحتى لا أشتّت فكركم وأترككم تُشغلون أنفسكم بالبحث عن حالات المزاح المسؤولة، سأعيدكم إلى ما نُشر يوم أمس، حول بدء وزارة الصحة إجراءات الحصول على الاعتماد الدولي للمستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها. فهذه بحق «نكتة»، فعلى الرغم من أنني لا أعرف ماذا يعني الاعتماد الدولي، إلا أنني أعرف أن المستشفيات والعيادات وكل المنشآت الطبية تقوم سمعتها على ما تقدّمه للناس، ومن تلك السمعة تحصل على المكانة، ونحن لدينا صروح طبية، نعم، ولكنها تفتقر إلى أهم شيء، إلى سبب وجودها، إلى الرعاية والعلاج، ولهذا يكون الاتفاق مع شركة متخصصة في تطبيق معايير الاعتماد الدولي ليس أكثر من إصدار شهادة مثل تلك المسمّاة «أيـزو» توضع في برواز وتعلّق على الجدار، بعيداً عن معايير وأسباب وجود تلك الصروح الضخمة!

myousef_1@yahoo.com

تويتر