لو كان المناخ بنكاً!

حمدان الشاعر

اختُتم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في كوبنهاغن دون اتفاق ملزم، فعلى الرغم من أن التوقعات المأمولة لأعمال المؤتمر لم تكن كبيرة ابتداء من حيث إقرار اتفاق ملزم، إلا أنه على الأقل تفادى الفشل الكامل، حيث تم التوصل إلى اتفاق مثّل إطاراً لتفاهمات مقبولة يؤمل منها الوصول إلى اتفاقية ملزمة قانوناً في العام المقبل، حيث يسعى هذا الاتفاق إلى خفض درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية وعبر تخصيص 30 مليار دولار على مدى ثلاثة أعوام مقبلة للدول الفقيرة لمواجهة مخاطر التغير المناخي، على أن ترتفع إلى 100 مليار دولار بحلول عام .2020 من حق الدول النامية أن ترفض مخرجات اتفاق كوبنهاغن التي لم تأت باتفاق يحدد للدول الصناعية أهدافاً لخفض انبعاثاتها أو حتى جدولاً زمنياً للتوصل إلى اتفاقية ملزمة، وبالتالي السماح بوجود إجراءات منظمة قانوناً وعبر آليات مراقبة فعالة للحد من تداعيات الاحتباس الحراري. لاشك في أن ظاهرة التغير المناخي تواجه العالم بأسره، والكل مسؤول عنها فالأنشطة البشرية المعتمدة على الطاقة تظل هي العامل الأهم في ارتفاع درجات حرارة الأرض، فالاعتماد على الوقود الأحفوري كالنفط والغاز والفحم سيستمر لسنين طويلة، فهو يلبي نحو 80٪ من حاجات العالم من الطاقة في حين أن مساهمة مصادر الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية والرياح والوقود العضوي تشكل النسبة الباقية، ولذلك فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من غازات الاحتباس الحراري ستظل مستمرة وبالتالي سيستمر معها ارتفاع درجة حرارة الأرض وما يستتبعها من عواقب بيئية كبرى، فتزايد سكان الأرض الذي قد يصل إلى تسعة مليارات بحلول عام ،2050 مقارنة بــ6.6 مليارات نسمة حالياً، سيؤدي بالتالي إلى ازدياد الطلب على الطاقة بصورة تفوق معدل النمو السكاني، ولذلك كانت اللجنة الدولية للتغير المناخي تؤكد دوماً ضرورة مبادرة الحكومات إلى اتخاذ إجراءات جدية من أجل تغيير في البنى الاجتماعية والاقتصادية ونمط المعيشة للحد من الاستهلاك البشري المتزايد. لاشك في أن المفاوضات التي استمرت على مدى أسبوعين وبوفود من أكثر من 193 دولة ومشاركة 120 من رؤساء الدول والحكومات، لم ترق إلى مستوى الطموحات والشفافية الهادفة إلى إقرار تعاون عالمي يُفضى إلى الوصول إلى غايات مشتركة وعبر أهداف محددة للخفض، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة والدول الصناعية الناشئة.

هذا الأمر دعا الرئيس الفنزويلي هوغو شافير إلى التصريح قائلاً، إن «المناخ لو كان مصرفاً لسارع الغرب إلى إنقاذه»، فالمعرفة بمواقع المشكلة وفداحة تداعياتها في المستقبل أمر ملحّ بغية الوصول إلى حراك عالمي مسؤول وفعال.

فمستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يصل حالياً إلى 386 جزءاً لكل مليون، أي أنه تجاوز الحد المقبول وهو 350 جزءاً لكل مليون، ويتخوف العلماء من الوصول إلى الرقم المخيف وهو ،450 وهو أقصى حد مسموح به قبل وقوع الكارثة، لذلك فإن التعاون الدولي البناء البعيد عن المصالح القطرية وتأثيرات أصحاب المصالح والشركات أمر حيوي ومهم لإنقاذ هذا الكوكب قبل فوات الأوان.

 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر