المحروقات تحرق جيوب المستهلكين

سلمان الدوسري

عندما رفعت أسعار الوقود في الأسواق المحلية إلى مستويات غير مسبوقة، كان التبرير بأن ذلك ينسجم مع أسعار النفط العالمية. وهذه الأخيرة انخفضت من 147 دولارا للبرميل إلى أقل من 40 دولارا في أقل من تسعة أشهر، غير أن أسعار الوقود لا تزال تحلق عاليا. وعلى الرغم من تصريحات وزير الاقتصاد سلطان المنصوري أمس الأول، بأن هناك «خطة» بالتعاون مع وزارات أخرى، لخفض المحروقات في الفترة المقبلة، فإن الخشية أن تأخذ هذه الخطط وقتا طويلا قبل أن تطبق فعليا. معروف أن الإيجارات والمحروقات هما المكونان الأساسيان في معادلة التضخم، وإذا كانت الإيجارات قد فعلت بها الأزمة المالية العالمية ما انعكس إيجابا على كثيرين احترقوا بنار أسعارها غير المنطقية، فإن أسعار المحروقات، وخصوصا الوقود، لا تزال تنهش جيوب متوسطي الدخل ومحدوديه.

لا جدال أن خفض أسعار الوقود لن تقتصر فوائده الإيجابية على المستهلكين فحسب، بل إن فوائده غير المباشرة ستكون كبيرة أيضا، فعندما ترفع أسعار المحروقات، تسارع المحلات الخدمية إلى رفع أسعارها متذرعة بأنها متضررة من ذلك، لذا فمن الطبيعي أن نرى موجة من الانخفاض تهب على محلات المواد الغذائية والمطاعم وغيرها، بالطبع بإشراف وزارة الاقتصاد، فللأسف ما يرتفع وفقا لقواعد الاقتصاد، لا ينخفض بحسب المعطيات الاقتصادية نفسها، فالنفس البشرية جشعة وأخلاقيات العامل التجاري أصبحت نادرة هذه الأيام.

شركات الطيران سارعت إلى ركوب موجة التخفيضات، بعد أن انخفضت أسعار النفط التي كانت ذريعة لهم برفع أسعارهم سابقا، فاستغنت هذه الشركات عن ضريبة الوقود التي اكتوت بها شركات الطيران والمسافرون على حد سواء، وحان الوقت ليكون هناك تعديل حقيقي لأسعار الوقود، تزامنا مع أسعار النفط العالمية.

ولعل اللافت للنظر أنه على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي تعد من أبرز الدول المنتجة للنفط، فإن أسعار الوقود فيها تعد الأعلى في المنطقة، وتأتي الإمارات على رأس القائمة، حيث تعد أسعار الوقود فيها الأعلى بين دول الخليج (6.25 دراهم سعر غالون البنزين مقارنة بريالين في السعودية). أما الشركات الموزعة للوقود فكانت تدعي بأنهاأ تعاني من الخسائر الكبيرة، عندما كانت أسعار النفط تواصل الصعود، ولابد حينها من إصلاح الخلل وجني الأرباح، ولو كان على حساب المستهلك؛ فما قولها الفصل الآن وهي تكدس الأرباح بفعل انخفاض البترول عن أربعين دولارا؟

من المهم التأكيد هنا أن استمرار ارتفاع الوقود بأسعاره الحالية على المستوى المحلي، سينعكس على تكلفة الإنتاج في المجالات الصناعية وأسعار المنتجات الزراعية والمواد المصنعة الأخرى، مما سيجبر المنتجين على نقل زيادة الأسعار إلى شريحة المستهلكين، وعكس ذلك صحيح، حيث سيعود أي خفض للأسعار إيجابا على المستهلك الذي شق جيبه كثيرا بفعل الأسعار، وآن الآوان أن يستفيد ـ ولو قليلا ـ من الأزمة المالية العالمية.

 

ssalmand@gmail.com

تويتر