الأسواق تقول كلمتها

في يوم واحد فقط هو يوم الخميس الماضي ارتفع مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 5.38% وارتفع مؤشر سوق أبوظبي بنسبة 2.12%، كما ارتفع مؤشر سوق الإمارات بنسبة 2.97%، وعادت أسعار أسهم العديد من الشركات القيادية إلى الارتفاع سواء في القطاع المالي أو القطاع العقاري، واكتست شاشات العرض لأول مرة منذ فترة طويلة باللون الأخضر بدلاً من اللون الأحمر الذي ظل جاثماً على صدور المستثمرين. وفي تقديري، فإن هذا التحسن مهما كان طفيفاً يمثل نقطة تحول جذرية في المناخ النفسي للمستثمرين من أجواء الخوف والتشاؤم والترقب التي ظلت تسيطر على الأسواق منذ الربع الأخير من العام الماضي إلى أجواء الثقة والتفاؤل والمبادرة، وفي تقديري أيضاً أن هذا التحول لا يندرج تحت باب الاعتلالات النفسية التي تتناوب فيها حالات الضحك والبكاء والفرح والاكتئاب دون سبب واضح، وإنما هو محصلة لمجموعة من التطورات الاقتصادية والمالية الهامة التي تجمعت من روافد عديدة لتصب معاً في مجرى التفاؤل والثقة.

ولعل أول هذه التطورات وأهمها هو الكشف عن نجاح بورصة دبي في تأمين قرض بقيمة 2.5 مليار دولار من مجموعة من البنوك العالمية والمحلية.

وبصرف النظر عن قيمة القرض والجهات التي قدمته والغرض الذي جُمع من أجله، فقد عكست هذه الخطوة ثقة أسواق المال الدولية في متانة الوضع المالي لدبي وشركاتها وقدرتها على الوفاء بأقساط ديونها في مواعيدها المحددة دون أي تأخير أو تعثر، وترجمت هذه الثقة نفسها بصورة فورية في انخفاض تكلفة التأمين على الديون بمقدار 50 نقطة أساس لتهبط إلى 950 نقطة.

أما التطور الثاني فيتمثل في إعلان وزارة المالية عن تعديل شروط استفادة البنوك من الدعم المالي المقدم من الحكومة الاتحادية، ما سمح لها في النهاية بالاستفادة من أكثر من 50 مليار درهم من السيولة، تم ضخها لإعادة هيكلة رأسمال البنوك بصورة لا تجعلها مكشوفة أمام الديون المعدومة وتتيح لها مواصلة دورها في إقراض الشركات والمشروعات، وقد أسهمت هذه الخطوة بصورة كبيرة في ترسيخ الاقتناع بأن الأسواق المحلية وإن كانت قد تأثرت بالأزمة الائتمانية العالمية، إلا أن حجم تأثرها بالأزمة لا يقارن من قريب أو بعيد بحجم تأثر الأسواق الأميركية والأوروبية، بل وحتى الآسيوية.

وبعبارة أدق فإن الإجراءات السريعة التي طبقتها الدولة بدأت تؤتي ثمارها، وإن الأمور لم تخرج عن نطاق السيطرة كما يتبدى في تهويلات ومبالغات التقارير الصحافية الأجنبية.

أما التطور الثالث الذي أسهم في خروج الأسواق من حالة الاكتئاب التي كانت تعيشها فيتمثل في طائفة من الأخبار السارة غير المتوقعة لنتائج أعمال الشركات لعام 2008، فقد حققت شركة «ديار» للتطوير العقاري على سبيل المثال 1.1 مليار درهم أرباحاً بنسبة نمو 105% عن عام 2007، فيما حققت شركة «أبوظبي لبناء السفن» أرباحاً قدرها 103 ملايين درهم بنسبة نمو 296%. ولا شك أن فهم ما حدث للأسواق في الأسبوع الماضي يحتاج إلى وقفة متأنية من المسؤولين لفهم سيكولوجية الأسواق والأفراد، وقد أثبتت الأحداث أن ضخ الثقة والتفاؤل لا يقل أهمية عن ضخ  السيولة، وأن رفع الحد الأقصى للإقراض لا يقل أهمية عن رفع معنويات الأسواق.  

 georgefahim_63@hotmail.com

تويتر