حقائق من «الميدان» الرياضي

سامي الريامي

التقيته مصادفة في مكان عام، لم يدم الحوار طويلاً، كلها 20 دقيقة شاملة المقدمة الترحيبية والسلام والسؤال عن الأحوال، لكن هذه الدقائق القليلة كانت بالنسبة لي صدمة كبيرة، كشفت لي حقيقة مرة، ترتبط بوضع الرياضة في الدولة بشكل عام..

كان هذا الرجل عضواً فاعلاً في اتحاد لعبة جماعية، معروفاً منذ أن كان في ناديه بإخلاصه ونشاطه، والأهم من ذلك فهمه وإدراكه وثقافته، لكنه اليوم خارج مبنى اتحاد اللعبة، ليس لكثرة أخطائه، وليس لأي سبب يتعلق بالأمانة أو النزاهة، إنما لسبب واحد، أنه لا يمكن أن يقول للخطأ سوى كلمة خطأ!

لا أريد أن أكون متحيّزاً لشخص، فليس هذا هو الهدف من المقال، ولا أريد التعميم على جميع الاتحادات الرياضية المتخصصة، ولكن من الواضح جداً أن هناك خللاً كبيراً في أداء «معظمها». بعض الاتحادات تدار كما تدار «الأمم المتحدة»، فهناك أندية تشبه الدول العظمى، نفوذ وقوة وسيطرة على مخرجات القرارات ومدخلاتها، وهناك أندية ضعيفة تشارك للمشاركة، و«تكملة» العدد!

وعلى صعيد العمل الداخلي للاتحادات. هناك مسؤولون أيضاً وصلوا إلى «سدة» المسؤولية بـ«الانتخابات» العامة، لكنهم بمجرد الجلوس على كرسي الرئاسة، تناسوا كل معنى جميل للديمقراطية، وأخذوا يديرون شؤون اللعبة كما تدار الدول «الشمولية» و«الديكتاتورية»، فلا آمر سوى الرئيس، ولا ناهي سواه، أما القرارات الجماعية، ودور مجلس الإدارة فغير معترف به مع السلطة الواسعة«المنتزعة» للرئيس.

صحيح أن الانتخابات التي تم إقرارها لانتخاب أعضاء مجلس الإدارات في جميع الاتحادات خطوة جميلة، لكنها أفرزت نتائج غير جميلة، فلا تدقيق على كفاءات وخبرات وتراكمات عملية، للشخص المرشح لدخول الانتخابات قبل خوضه غمار المنافسة، وبالتالي نتج عن ذلك، وصول أشخاص غير مؤهلين «إدارياً» لإدارة الرياضة؛ طبعاً هذا ليس «انتقاصاً» من شأن الانتخابات نظاماً، لكنه بالتأكيد نقص في اللوائح والإجراءات المنظمة لهذه الانتخابات، فلا مضرة من مجموعة شروط في المرشح لضمان تمتعه بالحد الأدنى على أقل تقدير من «المعرفة الإدارية»، وإلا كيف يمكن أن يدير اتحاداً رياضياً من لم يدخل دورة تخصصية واحدة، ولا يدرك أياً من مهارات أو فنون الإدارة؟!

لا غرابة عندما يكون الواقع الميداني لكثير من الألعاب الجماعية ضعيفاً للغاية، ولا أعتقد أن السبب يرجع إلى قلة الإمكانات وحدها، ومع أننا لا يمكن أن نغفل هذا السبب، فإن المشكلة تبدأ من أعلى الهرم الرياضي في كثير من الاتحادات الرياضية. المشكلة في أسلوب العمل، وسوء الفهم والخلط في مهام الرئيس وسلطاته الواسعة، وسوء فهم في مهام مجلس الإدارة الذي غالباً ما يكون «مهمّشاً».

المشكلة في تغليب مصلحة الأندية التي ينتمي إليها الأعضاء على مصلحة اللعبة بشكل عام، والنتيجة هي تطبيق القوانين بل تشديدها على «ناس»، والتساهل بل التشدد في التساهل على «آخرين»، وبمعنى أصحّ «الكيل بمكاييل عدة» من أجل مصالح فرعية لا علاقة لها بالواجب والمسؤولية «الوطنية» الشاملة!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر