معادلة الغنى والفقر

سالم حميد

في شارع «ايدجوار» اللندني الشهير المكتظ بالعائلات العربية في أيام الصيف، تناولتُ وجبة الغداء في أحد المطاعم العربية الواقعة في هذا الشارع، شعرتُ بنظرات ترقبني من طاولة مقابلة لي، لمحتهُ بسرعة وعرفته، إنه أحد كبار التجار لدينا ومن أشهر رجال الأعمال الإماراتيين، لم اعرهُ أي اهتمام وتجاهلت نظراته، وعندما انتهيت وهممت بالانصراف، رفع يده ليستوقفني: «لو سمحت يا ولدي، تعال اتفضل عندي»، أجبت دعوته وجلست إلى طاولته، سألني: «من وين انته؟»، أجبته من الإمارات، فأراد أن يعّرف بنفسه، فقلت له لا داعي لذلك سيدي لأنك غني عن التعريف، سألني: «ازين، شو تحب تأكل؟»، قلت: «شكراً لك، لقد أكلت قبل قليل، وأعتقد أنك شاهدتني قبل أن تدعوني، لكن لا بأس بكأس من الشاي»، طلب التاجر كأسين من الشاي، وعندما جُلب الشاي قال: «نحن الآن في لندن، ويجب أن نسير وفقاً للنظام الإنجليزي»، سألته: «ماذا تقصد؟»، قال: «على كل واحد منا أن يدفع قيمة كأس الشاي الخاص به!»، استغربت قوله على الرغم من أنه هو من دعاني لكنني كتمت تعجبي وقلت له: «لا داعي لذلك، أنا من سيدفع قيمة الكأسين»، ثم وضعت المبلغ على الطاولة وانصرفت شاكراً له معرفته، وتركت الشاي من دون أن ارتشف منه رشفة واحدة.

وقعت عيني ولمرات عدة على أسماء كثيرة لأبناء كبار التجار ورجال الأعمال المعروفين في البلاد، عندما أطالع قوائم الحاصلين على منح وقروض الإسكان الحكومي، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل: هل هؤلاء بحاجة إلى مبلغ الـ500 أو الـ750 ألف درهم هذا، بينما لدينا في البلاد الكثير من الأسر الإماراتية والأحق بهذه المساعدة.

عندما كتبت مقالاً بعنوان «طفاية حريق»، صيف العام الماضي بعد أن تعرض جزء من منزلي للحريق، تلقيت اتصالاً من صديق عزيز يعمل في جهة حكومية معنية بتقديم المساعدات للمواطنين، وعرض عليّ تقديم بعض المستندات التي بموجبها سأحصل على مساعدة مالية لتغطية جزء من الخسائر. فرحتُ في بادئ الأمر، لكنني لم أتقدم بطلب المساعدة لأن هناك أسراً إماراتية فقيرة ومعدمة أولى وأحق بهذه المساعدات، كما أنه سبق لي الحصول على مساعدة، فلماذا آخذ أكثر من حقي؟ وأرجو ألا يُساء فهمي على هذا الطرح، وألا تلوموا حالات الطلاق الصورية بين الأسر الإماراتية للحصول على بدلات مالية، والتي تناولتها الصحافة أخيراً، فلولا الحاجة لما فعلوا ذلك.

لفت نظري تعليق لأحد القراء على مقالي الأسبوع الماضي عبر موقع الجريدة الإلكتروني قائلاً: «تذكر يا ابني أن الكبر بلاء لا يرحم»، وأقول له: «هل مطالبة الفرد بحقه أصبح نوعاً من الكبر؟!».

 

salemhumaid.blogspot.com

تويتر