من المجالس

عادل محمد الراشد

تشغيل المواطنين لا يزال يصطدم بعقبات. والعقبات من فعل فاعل ، ليست فنية ولا إدراية ولا حتى إجرائية، وإنما هي مزاج بعض المسؤولين والمديرين التنفيذيين. وهؤلاء ينقسمون إلى فريقين.. فريق يرفع شعار التوطين بالنوعية لا بالكمية، وهذا كلام حق ينتهي إلى كثير من الباطل.

فعلى مبدأ التوطين بالنوعية أوجد هؤلاء المسؤولون الكثير من الحواجز التي يعلو بعضها الآخر أمام الشباب المتقدمين إلى الوظائف، وتفلسفوا كثيراً في وضع آليات زعموا أنها تكشف الكفؤ من عديم الكفاءة، والمستحق للوظيفة من غير المستحق لها.

ووفق هذه الآليات صار الخلط كبيراً..خلط بين خريج جديد «فريش» وبين صاحب الخبرة المتراكمة، بين طالب الوظيفة على أدنى درجات السلم، وطالبها للقيادية ذات الدرجة العالية .

شعار التوطين بالنوعية جعل بعض الجهات الحكومية تطبق معايير المقابلات المتعددة، والاختبارات المختلفة على حامل الثانوية العامة. أهم هذه المعايير بطبيعة الحال اللغة الإنجليزية التي «يرطن» بها أعضاء اللجان، وأغلبهم من المواطنين، وبلكنة أمريكية مصطنعة أمام هذا اليافع الذي بالكاد استفتح باسم الله الرحمن الرحيم، ليجد أنه مطالب بإظهار مهارات تتعدى حدود إمكاناته وعمره ومستوى خبرته في الحياة. فيتلعثم ويتأتئ ثم ينكمش حياء وخجلا، فاقداً كل رصيده من ثقته بنفسه والمعلومات المتواضعة التي وفرتها له سنوات تعليمه المدرسي.

شبابنا أذكياء ولماحون ولديهم قدرة على الاقتحام وتطوير الذات ولكن الجدران كثيراً ما تكون أعلى منهم. ولأن أولئك المسؤولين التنفيذيين أصحاب نيات طيبة ، كما نظن، فإنهم مطالبون بأن يكونوا أكثر وعياً بالواقع، وأكثر تحملاً لمسؤولياتهم في استيعاب الشباب وتأهيلهم، ليكونوا أصحاب نوعيات متميّزة بعد التعيين والتدريب وليس قبلهما.

أما أصحاب الفريق الآخر ، فهم الذين يضعون القضبان في الدواليب بحجة الميزانيات مرة، والشواغر مرة أخرى، وركوب موجة التعيين بالنوعية مرة ثالثة. فهؤلاء يريدون الموظف جاهزاً وغير مكلف، وسهلاً التخلص منه عند الحاجة إلى ذلك. وهذه مواصفات ربما لا تنطبق على المواطن الحديث التخرج. وفي ذلك ـ حسب نظرية هؤلاء ـ صدعة لا داعي للتورط فيها .


adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر