من المجالس

عادل محمد الراشد

في بيئتنا المدرسية 18 منهجاً تعليمياً، تختلف في ما بينها من حيث المحتوى والمستوى واللغة، بين مدارس حكومية صارت بين التقليدي و النموذجي والشراكة والغد، وبين مدارس خاصة تعتمد الواحدة منها أكثر من ثلاثة مناهج، ومدارس جاليات.

وزارة التربية والتعليم تعتبر هذا الوضع طبيعياً في ظل وجود أكثر من 200 جنسية داخل الدولة، تحرص أكثرها على تلقّي أبنائها للتعليم بالطريقة التي تناسبها، ولكن الوجه الآخر للحقيقة أوضحته الدكتورة فاطمة المزروعي عضوة المجلس الوطني الاتحادي بقولها إن نحو 50% من الطلاب المواطنين يدرسون في المدارس الخاصة. وهذا يعني أن هؤلاء المواطنين يتوزعون بين مختلف المناهج التعليمية، بينما النصف الآخر يتلقى تعليمه في المدارس الحكومية. وهذا يعني كذلك بأن النصف الأول من الطلاب المواطنين يتشرب منذ الصغر، بحكم المناهج ثقافة تعليمية واجتماعية تختلف في مفرداتها ورموزها وأفكارها، بالإضافة إلى لسانها. وهذا بدوره يثير المخاوف على مستوى التجانس في النسيج الثقافي للأجيال الحاضرة والمقبلة نظراً لحتمية تأثر الطالب ببيئته المدرسية والمعلومات التي يتلقاها وأسلوب المعالجة والتناول الوارد في تلك البيئات المختلفة عن بيئة المدرسة الحكومية.

واما القول إن الطفل يكوّن ثقافته ويصيغ مفاهيمه من المجتمع خارج المدرسة فيعتريه الكثير من القصور، خصوصاً إذا علمنا بأن البيئة العامة في مجتمع الإمارات محاطة بتأثيرات سلبية تفرضها التركيبة السكانية المختلَة لغير صالح المواطنين والعرب، الأمر الذي يعني رمي المزيد من المسؤولية على كاهل المدرسة لتعويض ذلك النقص والتصدي لتلك المؤثرات، ذلك أن المدرسة قادرة إلى حد كبير على أخذ دور في توجيه اهتمامات الطلاب والطالبات والتأثير في خلفياتهم الثقافية، وزرع روح المواطنة وترسيخ عوامل الانتماء.

هذه الكثرة في المناهج التعليمية لا يمكن وضعها بخانة التنوع والتعدد. وإذا كان ميزان التركيبة السكانية في الأصل مختلاً فلا يمكن الاعتداد به اعتباره مسوغاً لاختلال آخر في التركيبة التعليمية. فالتنوع شيء والتشتت شيء آخر. وهذا التزاحم في المناهج الدراسية، الذي دخل من باب التعليم الخاص، يشتت مفاهيم أجيالنا ويصعّب مهمة توفير الانسجام والتناغم الثقافي بثقة بالنفس وقدرة على تفهّم الآخر دون اهتزاز ولا تشويه.

 

adel.m.alrashed@gmail.com 

تويتر