ما الذي يمكن أن يفعله القطامي؟

سامي الريامي

ليس غريباً أن يصيب مرض السكري 24% من مواطني الدولة، وليس غريباً على الإطلاق أن يصيب مرض ارتفاع ضغط الدم 31% منهم، وأن يُصاب 17% بمرض ارتفاع «الكوليسترول»، كما أنه ليس من الغريب أيضاً أن تصبح أمراض السكري والقلب والشرايين هي السبب الأول لوفاة المواطنين، تليها الأمراض السرطانية، ثم حوادث السيارات!

بالطبع ليس ذلك غريباً، فالمتتبع لنمط الحياة في الإمارات، ونمط العادات الغذائية والاجتماعية التي أفرزها عصر التطور والنهضة والبناء، يدرك تماماً أن هذه الأمراض ما هي إلا نتاج طبيعي، بعد أن غابت أساسيات الحياة الصحية في مجتمعنا!

الأسواق، وارتفاعات الأسعار، ارتفاع الإيجارات وكل متطلبات الحياة من الإبرة إلى تذكرة الطيران، كلها مسببات للإصابة بأمراض السكري والضغط لدى كثير من المواطنين والمقيمين.

أسواق الأسهم وما يحدث فيها كل ساعة، تُخلف بعد كل مؤشر أحمر مريضاً بالسكر والضغط ومريضاً بالقلب وتصلب الشرايين. مشكلات العمل، وتزمت بعض المسؤولين، في مقابل «سلبية» عدد كبير من الموظفين، و«تذمرهم» بسبب ومن غير سبب، هي مسببات أخرى لأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري. مدارس الأبناء وهمومهم، وتوفير متطلبات هذه المدارس، ومستلزمات الدروس الخصوصية سبب مباشر لتصلب شرايين القلب الرئيسة. نشرات الأخبار وما يحدث في العالم العربي والإسلامي سبب آخر للوفاة، ربما يسبق المسببات الثلاثة التي ذكرتها وزارة الصحة!

ترى ما الذي يمكن أن يفعله حميد القطامي، أو وزارة الصحة في ظل وجود هذه المسببات بشكل دائم، كيف له أن يضع استراتيجية لمكافحة المرض؟ وكيف ستكافح الوزارة مرضاً له مئات من المسببات لا يملك أحد تغييرها؟

ليس هذا فحسب، هل تغيير أنماط العادات الغذائية السيئة، والتي تجتاح المجتمع بأسره مسألة يسهل التعاطي معها؟ وحتى إن وضعت الوزارة خطة طويلة الأمد خلال الـ10 سنوات المقبلة لنشر الوعي والثقافة الصحية لدى الجميع، والعمل وفق ما تم إقراره في تلك الخطة على محاولة التقليل من انتشار الوزن الزائد 10%، فما الذي يمكن أن نتناوله من طعام صحي متوافر؟ هل هي المعلبات، أم الخضراوات التي لا نعرف كيف تزرع وكيف تحصد وكيف تسمد؟ هل هناك من طريقة لمنع «الجنك فود» عن أطفالنا، بعد أن انتشرت مطاعم الوجبات السريعة في «الفرجان» وبين البيوت، وبدرجة أكثر بكثير من «دكان الكراشي»؟ هل يمكن السيطرة على الصغار، ومنعهم من الحلويات «الملونة» والمشروبات الغازية و«الشيبس» والسكريات، وكل أنواع الضرر المنتشرة في كل زاوية من زوايا البلد؟

المسألة ليست سهلة على الإطلاق، ومن يفكر قليلاً في كيفية حياتنا ومحتويات موائدنا، والمواد الغذائية المضرة في أسواقنا، لن يستغرب أبداً من الإحصاءات العالمية التي تصنف الإمارات في المرتبة الثانية على مستوى العالم، من حيث الإصابة بالسكري.

حصولنا على مركز عالمي في المرض ليس أمراً مستغرباً، لكنّ بقاءنا إلى اليوم على قيد الحياة وسط هذه الحياة غير الصحية التي نعيشها كل ثانية هو الغريب حقاً!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر