5 دقائق

في بيتنا موهوب (2)

عرفنا الموهبة في الحلقة الأولى من هذا المقال بأنها: «قدرة خاصة ذات أصل تكويني غير مرتبطة بذكاء الفرد»، لذا نؤكد أنه من الضروري أن تنتبه الأسرة إلى أن هناك أنواعاً مختلفة من المواهب، وربما تدفن إحداها، إذا أصر الأبوان على تقييم طفلهما بالطريقة التقليدية، من خلال تقييم درجاته العلمية أو معدله الدراسي فقط، فالابن الموهوب هو الذي يؤدي أعماله بكفاءة عالية، وبصورة أفضل من كل أقرانه، ويبشر بإنجاز في مجال ما، مثل: الرياضة، والفن.

ولعلها مفاجأة للبعض، أن أطفالاً يعانون إعاقة ما، ربما يتمتعون بقدرات أو مواهب لا يملكها أقرانهم الأصحاء، لذا هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأسرة في الاكتشاف والتنمية والرعاية، من خلال الملاحظة والمتابعة والتقرب منهم وتشجيعهم.

ومن الضروري أن ندرك أن الموهوب يجب أن يتمتع بثلاثة مقومات أساسية: قدرة فوق المتوسط، لأن البعض يخلط بين الموهبة والنبوغ أو العبقرية، إذ يكفي أن يظهر الطفل أفضل بشكل ملحوظ من أقرانه في مجال ما، حتى ندرك أن لديه موهبة، ونعمل على تحسينها.

أما الركن الثاني فهو الإبداع، أي إظهار قدرة مختلفة، وتقديم أداء خلاق وغير تقليدي، فيما يكلل الركن الثالث سابقيه، وهو المثابرة، بمعنى أن يتمتع الطفل بعزيمة تمكنه من ترقية موهبته والحفاظ عليها، لأن هناك أطفالاً مبدعين لكن غير مثابرين، وهناك متميزون لكن روتينيون وتقليديون، لذا إذا اجتمعت الأركان الثلاثة في طفل، فتأكد أن لديك مشروعاً لعالم أو رياضي أو فنان أو رسام موهوب.

وبالعودة إلى دور الأسرة، يجب أن ينتبه الآباء إلى الجوانب السلبية لدى الأبناء، ويحاولون إصلاحها سريعاً، خصوصاً لدى الموهوبين، مثل: التقاعس عن أداء واجباتهم، أو وضعهم في ظروف اجتماعية سيئة، أو اختلاطهم بأصدقاء سيئين، فكل هذه العوامل كافية لقتل الموهبة فيهم، وتدميرهم كمشروع للمستقبل.

وهناك مؤشرات يمكن أن تساعد في اكتشاف الطفل الموهوب، مثل: اجتيازه اختبارات نفسية بنجاح، وتمتعه بقدرات ذاتية ملحوظة، وتفوقه في المنافسات والمسابقات المختلفة، التي يجب أن نحرص على مشاركته فيها بشكل مستمر.

ومن خلال عملنا في هذا المجال المهم، سواء أكاديمياً أو عبر جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين، يمكن القول بأن هناك آباء يلعبون أدواراً فاعلة وجوهرية في تعزيز الموهبة لدى أبنائهم، من بينهم أمٌّ كانت بمثابة مدير أعمال ابنها.

وأذكر أنه شارك معنا في مؤتمر خارجي، وفي نحو الثامنة مساء طلب الابن العودة إلى مقر إقامته، في ظل تعوده على النوم في هذا الوقت، كما أكدت والدته لنا، حتى يتمتع دائماً باللياقة الذهنية والبدنية، ما يعكس حرصها عليه ومتابعتها الدائمة له.

وهناك طلبة اكتشفت مواهبهم من قبل معلميهم، فتواصلوا مع ذويهم ووجدوا استجابة واهتماماً منهم، وهذا يؤكد أهمية عاملين أساسيين: الأول هو العين التي تكتشف، والثاني الأسرة التي تهتم وترعى!

وللحديث بقية لأهميته...

عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية

تويتر