سوء تخطيط الحملات الانتخابية وعدم التفاعل مع الناخبين والاكتفاء باللافتات

عضوات في «الوطني»: سوء تخطيط الحمــلات الانتخابية وراء ضعف التصويت للمرأة

أعربت عضوات في المجلس الوطني الاتحادي، المنتهي انعقاده، عن صدمتهن بنتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الدولة أخيراً، كونها أسفرت عن نجاح مرشحة واحدة فقط مقابل 19 مرشحاً من الرجال، معتبرات أن ذلك ناجم عن «سوء تخطيط الحملات الانتخابية للمرشحات»، مما أدى إلى عدم اكتراثهن بالتفاعل المباشر مع الناخبين، والاكتفاء باللافتات والصور الدعائية.

واتفقن على أن الدولة أدت ما عليها تماماً تجاه ملف المشاركة السياسية للمرأة، إلّا أنهن انتقدن عدم إقبال النساء على التصويت لبنات جنسهن.

وشهدت انتخابات المجلس فوز مرشحة واحدة عن رأس الخيمة، هي ناعمة الشرهان، من بين 74 مرشحة خضن المنافسة على مستوى الدولة.

وتفصيلاً، أعربت عضو المجلس، عفراء البسطي، عن أسفها لانتخاب مرشحة واحدة، على الرغم من ارتفاع نسبتي الترشح والتصويت.

نصائح

وجّهت عضو المجلس الوطني الاتحادي، عفراء البسطي، نصائح للمرأة في المجلس الجديد، قائلة إن «عليها العمل ضمن فريق، وليس بشكل منفرد، لأن تجربتي في المجلس تؤكد أن المشاريع الفردية لا ترى النور، فيجب أن يكون لديها خطط عمل جماعية، وأن يكون الأساس طرح الأفكار والمشاريع على الزملاء والتشاور بشأنها جيداً، قبل تبنيها رسمياً تحت قبة المجلس، لأن هذا هو الأسلوب الأمثل للعمل البرلماني، لضمان تجاوب غالبية أعضاء المجلس مع الطرح الذي ستتبناه».

وأضافت: «على المرأة العضو أيضاً تخصيص مساحات زمنية وفكرية، ووقت أكبر للملفات المعنية بالمجتمع وشؤون المرأة والطفل والأسرة، لما تمتلكه من أدوات وملكات وخبرات واسعة تفوق ما لدى الرجل في هذه الجوانب.ويجب أن تعرف أن العمل في هذه الملفات يسفر عن نتائج شديدة الإيجابية من حيث التجاوب والتفاعل من الدولة، لأنها تعمل كل ما في وسعها من أجل شعبها، ومن ثم فلن تتوانى عن تنفيذ أي مقترح جيد ومثمر من شأنه إسعاد مواطنيها».

وقالت إن «صناع القرار أرسلوا رسالة واضحة بضرورة وجود المرأة في القرار السياسي، لكن هناك سوء في التخطيط من جانب المرشحات أنفسهن».

وأضافت البسطي أن «الفترة التي خصصتها اللجنة الوطنية للانتخابات لانسحاب المرشحين من المنافسة، كانت فرصة ذهبية للمرشحات لإعادة ترتيب أوراقهن الانتخابية، وخلق تكتلات نسائية، من خلال انسحاب المرشحات الأقل حظاً لمصلحة الأوفر حظاً، ودعمهن ومساندتهن، وحشد الناخبين للتصويت لهن، ليكنّ صوتاً حقيقياً للمرأة، فإذا كان في الإمارة الواحدة خمس مرشحات، فلماذا لم تنسحب ثلاث منهن على الأقل لمصلحة اثنتين، ليكون هناك ثقل انتخابي للمرأة؟».

ورأت البسطي، التي تولت رئاسة المركز الانتخابي الرئيس في دبي، أن «هناك حاجة إلى تطور حقيقي في ثقافتنا الانتخابية، خصوصاً بشأن التخلي عن النظرات الذكورية، ومسألة الغيرة التي تدفع غالبية النساء إلى عدم انتخاب نساء مثلهن»، متوقعة أن «تبادر الدولة، على عادتها، إلى معالجة هذا القصور بتعيينات نسائية، لتجميل المشهد المحزن».

وقالت عضو المجلس، الدكتورة منى البحر: «كنا نحلم بزيادة عدد النساء المشاركات في العملية الانتخابية. وحينما تحقق الحلم، صُدمنا بالنتيجة، فنسبة انتخاب النساء إلى الرجال هي 1 إلى 19، وهو أمر يعكس مؤشرات بالغة الخطورة، أبرزها أن الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة سياسياً، وتفعيل هذا الدور، لايزالان يحتاجان الى الكثير من الجهد والوقت لإقناع المواطنين به»، لافتة إلى أن «عملية التغيير في مستوى الوعي والعادات تستغرق وقتاً طويلاً».

وأضافت البحر: «حينما صدرت قوائم الهيئات الانتخابية بدت نسبة النساء كبيرة جداً، لكننا لم نجد مرشحة واحدة تقدم نفسها للناخبين بشكل مقنع وقوي بما يكفي لمواجهة ضعف الوعي المجتمعي بدور المرأة، فضلاً عن أن غالبية النساء يرفضن منح أصواتهن للمرأة. كما أننا لم نجد مؤسسة نسائية أو حقوقية تعمل على إبراز صورة المرأة البرلمانية الناجحة»، مشيرة إلى «وجود نساء في مختلف إمارات الدولة يصلحن للعمل العام، لكنهن أحجمن عن الترشح لأنهن يدركن حقيقة وضعنا المجتمعي الذي لايزال يحتاج إلى تطوير».

وتابعت أن «اللافت هذا العام، عدم وجود حملة انتخابية واحدة لامرأة تتسم بالجدية والقوة والتفاعل والإقناع. كل ما تضمنته حملاتهن كان مجرد صور ولافتات، فهل يعقل أن يصوّت الناخبون لامرأة لمجرد أنها نشرت لافتات وصوراً دعائية تدعو لانتخابها؟ ألم يكن الأجدر بهن التواصل والنقاش مع الناخبين والعمل على إقناعهم ببرامجهن؟».

وأشارت إلى أنه «كان على المرشحات ألّا يسرفن في الدعاية، وأن يركزن في التواصل مع الناخبين، ولو عبر برنامج تلفزيوني، أو لقاء انتخابي».

وتساءلت البحر: «هل الجمعيات والمؤسسات النسائية لا يوجد بها امرأة واحدة مقنعة، كانت مقيدة في القوائم الانتخابية، لتطالبها بالترشح، وتقدمها للمجتمع كنموذج وصورة مشرفة للمرأة، وتعمل على إنجاحها بكل الوسائل الممكنة؟».

وتابعت: «كان على المؤسسات أن تتبنى أفضل العناصر النسائية وأكثرها قدرة على خوض التجربة الانتخابية، وان تسهم في الترويج والدعاية لها، وتساعدها بكل أشكال الدعم الانتخابي المتاحة، من خلال تنظيم ندوات وورش تربطها بالناخبين، بل وتطالب العضوات المنتسبات لها، بالترويج لها»، مؤكدة أن «هذا ما تتمناه الدولة وتطالب بتحويله الى واقع، بدليل الدعوة والنصيحة التي وجهها وزير الدولة لشؤون المجلس، رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، الدكتور أنور قرقاش، للنساء، من أجل خلق كيانات وكتل انتخابية تمنحها قوة تصويتية تنافس وتتفوق بها في العملية الانتخابية».

وتوقعت البحر أن تبادر الجمعيات النسائية مستقبلاً إلى اختيار أبرز عضواتها، وتعمل على تقديمهن للمجتمع بصورة إيجابية، بهدف الترويج لهن كمرشحات في الانتخابات المقبلة، لافتة إلى أن «هذه الخطوة قد تسفر عنها زيادة عدد العضوات المنتخبات في المجلس الوطني الاتحادي عام 2019».

وقالت إن: «الدولة من جانبها وفرت الإمكانات كلها لتوسيع نسبة المشاركة السياسية للمرأة، وفق استراتيجية التمكين التي وضعها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بدليل أننا نرى في كل مرحلة انتخابية زيادة كبيرة في نسب وجود المرأة ضمن القوائم الانتخابية، بشكل بات يناصف وجود الرجل، لكن يبقى الدور على المرأة نفسها، لأن عليها أن تعمل على إقناع الجميع بما لديها من أفكار وعلاقات وآليات عمل ومعالجات للملفات المجتمعية»، معتبرة أن النموذج النسائي الوحيد الذي أحسن توظيف علاقته بالمواطنين في إقناعهم بضرورة اختيارها وانتخابها، هو المرشحة الفائزة عن إمارة رأس الخيمة، ناعمة الشرهان.

وأكدت أن الأمل والاعتماد في زيادة التمثيل النسائي برلمانياً لايزال ينصب على تعيينات قيادات الدولة، متوقعة استمرار هذا الإجراء فترة من الزمن، إلى أن يزداد الوعي لدى المواطنين، خصوصاً النساء، بأهمية انتخاب المرأة وفقاً لما تمتلكه من رؤى ومشاريع وبرامج طموحة، شأنها شأن الرجل.

وأكدت المرشحة الفائزة بعضوية المجلس، ناعمة الشرهان، أن أهم أسباب عزوف الناخبين عن التصويت للنساء فى الانتخابات الأخيرة هو عدم التفاعل بالقدر الكافي مع المواطنين من خلال الحملات الانتخابية.

وقالت إن «نظرة المجتمع للمشاركة السياسية تغيرت، فلم يعد الناخب يعطي صوته لمجرد التربيطات العائلية، لكن بناء على الوعي وما نستطيع تقديمه، والتعامل مع صوته على أنه أمانة حقيقية، ولذلك يعطي صوته حسب اقتناعه وليس لمجرد أنه ابن عمه أو قريبه». وقالت: «أعتقد أنهن ارتكبن أخطاء، مثل الاكتفاء بطباعة البروشورات والصور الدعائية، وكانت حملاتهن تنقصها المواجهة المباشرة والتفاعل مع الناخبين».

وأضافت: «لقد سعيت لتخطى مرحلة الدعاية التقليدية من خلال محاولة تغيير فكر الناس التقليدي عن المجلس الوطنى، وتصحيح الاعتقاد بأنه ليس له دور حقيقي، وهو ما نجحت فيه بمساعدة وخبرة زوجي بحكم كونه عضواً سابقاً في المجلس الوطني»، موضجة أنها ركزت خلال حملتها على أن صوت المواطن أمانة كبيرة للوطن.

وتابعت الشرهان: «خلال حملتي الانتخابية حاورت المواطنين مباشرة في أماكن مختلفة في المدن والمناطق النائية، ومن المحاور التي ركزت عليها، شهداء الوطن، إذ أوضحت للمواطنين أن حزننا عليهم لا بد أن يكون دافعاً وبداية لالتفافنا حول الوطن، فالشهداء سطروا أمجاداً، لا بد أن نكملها بحب الوطن وخدمته وإنجاح تجربة الدولة».

وأكدت أنها ستعمل داخل المجلس على جميع الملفات، ولن تقصر نشاطها على قضايا المرأة والأسرة.

في المقابل، قالت عضو المجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة شيخة العويس، إن مشاركة المرأة في الترشح والتصويت كانت رائعة، ولذلك يجب أن أهنئ كل أخت خاضت التجربة وأبارك لها هذه الخطوة الناجحة، والجميل في هذه الانتخابات أنه بجانب فوز العضوة المنتخبة الوحيدة هذا العام، ناعمة الشرهان، فهناك امرأة أخرى كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز، هي عائشة بوسمنوه في الشارقة، وهذا يؤكد وجود تقدم ملحوظ يدل على أن المرأة أثبتت جدارتها في أعمال المجلس، وكسبت مزيداً من الثقة».

وأضافت أن الوعي السياسي لدى المجتمع بدأ يزداد بشأن أهمية دور المرأة وضرورة وجودها، وهذا يبشر بمزيد من الدعم والنجاح لمشاركة المرأة، ولذلك نتطلع لنسب أكبر في الدورات المقبلة.

ودعت العويس كل الأعضاء الجدد للمجلس إلى السعي للاستفادة من الخبرات السابقة، مبدية استعدادها التام لمد يد العون ونقل خبراتها لكل من يرغب من الأعضاء الجدد.

تويتر