ضباب «غنتوت» !

سامي الريامي


«لم أكن أسمع سوى أصوات ارتطامات مفاجئة، وقوية، لم أرَ في حياتي مشهداً كهذا».. هذه الكلمات عبّر بها أحد مصابي حادث «ضباب غنتوت» الذي وقع أول من أمس على طريق دبي أبوظبي، مخـلفاً وراءه أربعة قتلى ونحو 347 مصاباً.


نتفق تماماً مع المصاب الذي لم ير مثل هذا المشهد في حياته، ومع المسؤولين الأمنيين الذين أكدوا أن هذا الحادث هو «الأسوأ الذي تشهده الدولة»، ولكن بطبيعة الحال فإن «سبب» وقوع الحادث لم يكن جديداً، فـ«الضباب» عادة ما يؤدي الى حوادث مرورية خطرة، وتحديداً في هذا الوقت من العام، وفي شوارع تكاد تكون معروفة للجميع، منها بل ربما أشهرها طريق أبوظبي دبي..


إذن دعونا ننظر إلى جذور المشكلة، ولا تلهنا «النتيجة» عن الوصول إلى «الجوهر»، والجوهر هنا هو أسلوب التخطيط بطريقة «رد الفعل»، فلم يثبت الى اليوم أننا تعاملنا مع «الأزمات» بأسلوب تخطيطي مسبق لتلافيها، وتنحصر أدوار الجهات المختصة لاحقاً في الانشغال بـ«التعامل» مع الحادث في وقته، ثم نسيانه الى السنة المقبلة لتعود نفس المشكلة وربما بشكل أكبر، ولا نحرك ساكناً إلا بعد فوات الأوان، لننشغل بحصر الأضرار ومواراة الضحايا التراب!! حدث ذلك، وما زال يحدث في موسم الأمطار، وحدث ذلك وما زال يحدث عند «الضباب»، لكننا لا ولم ولن نحرك ساكناً!!


ألا يوجد في كل دول العام قانون للطوارئ والأزمات والعواصف والفيضانات وغيرها؟ تُرى ما الحل البديهي المنطقي في التحوط من مصائب هذه الأزمات؟ ببساطة عدم مواجهتها.. ألم تكن «الأرصاد» والجهات الأخرى على علم بمواعيد «الضباب» السنوية؟ وحتى لو لم تكن على علم، ألم يكن أحد من أهل الاختصاص موجوداً «فجراً»، لمراقبة الوضع الميداني، الذي يجعل من قيادة المركبات على الطرق الخارجية أمراً من المستحيلات؟ إذن لم لا نغلق الطرق الخطرة خلال فترة «انعدام الرؤية»، وهي بطبيعة الحال لا تتجاوز ثلاث ساعات؟! لم لا نوقف المواجهة غير المتكافئة بين البشر والظروف المناخية الصعبة التي لا تكترث بقوانين وسلطات وجهات أمنية أو خدمية؟!


أعتقد أن ذلك هو الحل الأسلم لتفادي مزيد من الضحايا والحوادث والأضرار في الأنفس والمركبات، ولذلك يجب تحديد الطرق الخطرة جداً من قبل المختصين في وزارة الداخلية، وتحديد الظروف التي لا يمكن قيادة المركبة فيها ليتم الإعلان فور الوصول الى هذه المؤشرات عن إغلاق هذه الطرق، و«كفى الله المؤمنين القتال»..


ما المشكلة في تأخير الناس عن «دواماتهم» ثلاث أو أربع ساعات مرة أو مرتين في السنة؟ وما المشكلة في عدم الوصول أصلاً الى أبوظبي أو دبي في الفترة الصباحية مهما كان السبب؟ تُرى أيهما أهم ضياع أربع ساعات من عمر الانسان أم ضياع عمره كله؟!


وبالمناسبة فإن مطارات معظم الدول، بما فيها دولتنا، تغلق «مدرجات» الهبوط والإقلاع وقت الضباب، فأيهما أهم المطار أم شارع دبي أبوظبي؟ وعلى فكرة فقد قامت الشرطة تلقائياً ولظروف الحادث بإغلاق الطريق تماماً في الاتجاهين لساعات عدة، فأيهما أفضل الإغلاق لنقل الجرحى والقتلى، أم الإغلاق للحفاظ على الأرواح؟!  

reyami@emaratalyoum.com
تويتر