مطبّات على الهواء

القنوات الفضائية مطالبة ببرامج وموضوعات تمس الشباب وقضاياهم. أرشيفية

امتلاك الهواء، في مجال الإعلام، يمثل مسؤولية كبيرة لا يتم إسنادها إلا لمن يمتلك مؤهلات خاصة من الثقافة الواسعة والحضور وسرعة البديهة، والقدرة على التعامل مع المواقف المحرجة التي قد يتعرض لها الإعلامي خلال البرنامج. أما في وسائل الإعلام العربية، فبرامج الهواء يتم التعامل معها باعتبار «حكي وطق حنك» لملء ساعات البث، خصوصاً في البرامج الإذاعية، حيث يتم إسناد هذه البرامج في كثير من الأحيان إلى إعلاميين يفتقدون الخبرة الكافية لتقديم مادة تحمل مضموناً، او تقدم معلومة مفيدة للمستمع، بدلاً من الضحكات المتكلفة والتعليقات الساذجة، بل والنكات السخيفة التي غالبا ما يتبارى مقدمو برامج الهواء في إذاعاتنا في إطلاقها، والمتابع لهذه البرامج يستمع إلى العجب العجاب.

عندما يشعر الإعلامي بانه أهم من جمهوره او انه أكبر من أي نقد، وان رأيه صواب لا يحتمل الخطأ، لابد ان يقع في فخ الغرور، حتى وان امتلك الخبرة، وقد يكون الخطأ وارد في كل عمل، ومن لا يعمل هو فقط من لا يخطئ، ولكن عندما يرتبط الخطأ بمشاعر وطنية، ويأتي من وسيلة إعلام رسمية تمثل الدولة، يصبح من الصعب تجاهله، حتى ولو بذريعة «الحياد»، فالحياد لا يجب أن يصطدم بمشاعر أبناء الوطن، أو ان يستهين بها، حتى وان ارتبطت بمباراة لكرة القدم، كما ان مهنية الإعلامي واحترافيته تظهر في ما قد يتعرض له من مواقف غير متوقعة من مستمعيه في مداخلاتهم، وقدرته على احتواء وجهات نظرهم وإدارة دفة الحديث إلى الجهة التي يرغب فيها، أما عندما يلجأ الإعلامي الى إغلاق الخط في وجه واحد من جمهوره، أو التهديد بذلك، فهنا يضع بنفسه مهنيته على المحك، ويعرض جماهيريته ونجوميته للتراجع. وفي النهاية اذا لم يكن لدى الإنسان القدرة على الفرح لأفراح وطنه، والحزن لأحزانه، كبيرها وصغيرها، فمن الصعب ان يشارك أوطان الآخرين أفراحها وأحزانها.

رغم اتفاق الكثيرين على ان برامج الواقع لا تتناسب مع مجتمعاتنا العربية، ليس فقط من حيث العادات والتقاليد، ولكن أيضا من الناحية المهنية، فبرامج الواقع العربية تسير وفق سيناريو مسبق، وبأداء متكلف يفتقد إلى العفوية. إلا أن قناة «إم بي سي»، اختارت ان تكون لها تجربتها الخاصة في مجال تلفزيون الواقع من خلال حلقات «هو وهي» التي تتناول يوميات حياة الزوجين الشابين الفنانة السعودية أسيل عمران والإعلامي البحريني خالد الشاعر، وما يمران به من مواقف ومشكلات، باعتبار ان هذه الأسرة الحديثة تمثل نموذجا للأسرة العربية وما تمر به في حياتها اليومية. وهو ما يمثل أساسا خاطئا للعمل منذ البداية، فأسيل وخالد، لا يمثلان بأي حال من الأحوال الأسرة العربية التي يجب ان تهتم قنواتنا بإبرازها وتسليط الضوء على مشكلاتها، وهو ما ظهر خلال الحلقات بوضوح، فمشكلاتهما تركزت على البحث عن منتج لأغنيات أسيل، أو سعي خالد الى الحصول على النجاح خوفاً من تفوق زوجته عليه. ما علاقة أسرنا العربية بهذه المشكلات، وكم من أسرنا تواجه مثلها. وأين مشكلاتنا الحقيقية من كل ما عرض؟ نعلم ان المجتمعات العربية لا تستطيع ان تعيش في حالة ثبات اجتماعي بعيدا عن كل ما يحدث حولنا من تغييرات وانفتاح على المجتمعات الأخرى، وان الشباب العربي والخليجي لديه الكثير من الأفكار والقضايا التي يسعى الى طرحها ومناقشتها باسلوبه الخاص بعيدا عن الدراما الخليجية التي باتت نمطية وبعيدة عن هذه الفئة وغيرها من فئات أخرى في المجتمع. كما ان الجديد دائما ما يجد معارضة، لكن علينا ان نجيد اختيار الجديد الذي نطرحه، لان الاختيار السيئ سيؤدي بالتأكيد إلى رد فعلي عكسي، ويدفع المجتمع الى الوقوف موقفاً رافضا من التغيير كله الايجابي منه والسلبي. وإذا كنا نبحث عن توظيف برامج الواقع في مناقشة قضايا مهمة وأيضا تستطيع جذب الجمهور، لماذا لا يتم اختيار موضوعات أكثر ارتباطا بفئات المجتمع، مثل يوميات طلبة الجامعات، سواء في جامعاتهم او في بيوت الطلبة والطالبات التي يقيمون فيها، وغير ذلك من موضوعات تمس الشباب وقضاياهم.

يذكر ان قناة «إم بي سي» تستعد لتصوير برنامج جديد من نوعية تلفزيون الواقع تدور أحداثه خلال رحلة بحرية لسفينة تضم نخبة من مشاهير العالم العربي، تبدأ من مدينة ميامي الأميركية إلى جزر الباهاما في البحر الكاريبي، في شهر فبراير المقبل، ويشارك فيها فنانون سبق وشاركوا في برنامج «أبشر» الذي انتهت القناة من عرض موسمه الأول، والرحلة من إنتاج يوسف حرب.

تويتر