أطلقته «دبي للثقافة» في حي الفهيدي التاريخي

مهرجان الفخّار التراثي.. جماليــات من الطين

صورة

تحت شعار «الفخار إرث وتاريخ» أطلقت هيئة دبي للثقافة والفنون النسخة الأولى من «مهرجان الفخار الثقافي»، في حي الفهيدي التاريخي أمس. وشكل المهرجان إطلالة على عالم من الجماليات المصنوعة من الطين، التي تبدأ من الأواني الخاصة بالمياه لتصل الى الأوعية المستخدمة للشرب أو تناول الطعام أو المبخرة. وسيقدم المهرجان بأقسامه المتنوّعة هذه الحرفة المهددة بالاندثار على فترتين، أي من 11 وحتى 15 من نوفمبر الجاري، وفي يومي 18 و19 من الشهر نفسه.

وينضم المهرجان إلى جدول البرامج التي تنظمها «دبي للثقافة» والمعنية بالجانب التراثي، اذ تلتزم الهيئة بإثراء المشهد الثقافي في إمارة دبي انطلاقاً من التراث، كما أنه يتماشى مع مهمة دبي للثقافة للحفاظ على الموروث الوطني ونقله للأجيال القادمة، كون الحرف تعد نتاجاً طبيعياً لمظاهر الحضارة، وإحدى وسائل التواصل الملهمة للتعبير عن ثقافة المجتمع، كما أنها تمثل مكوناً أصيلاً للذاكرة والمظاهر الحياتية والمراحل الزمنية التي مرت بها.

المرويات

تأخذ أقسام المهرجان المتعددة الزائر في رحلة الى الماضي للتعرف إلى أنواع الفخار ومراحل تطوره واستخداماته القديمة، فتبدأ الجولة بالتعرف إلى القطع التي تعود الى أكثر من 70 سنة، والتي يمكن تصنيفها بكونها قطعاً متحفية، ومنها «الغوري» وهو مصب القهوة العربي، الى جانب الايحلة التي تستخدم لنقل المياه، أما الخرس فهو الفخار الذي كان يستخدم لحفظ التمر، وكذلك الأطعمة التي تحتوي على كمية عالية من الملح، اذ يتميز بقدرته على تحمل الملح دون أن ينكسر.

وإلى جانب المعرض أقيم قسم خاص في أحد بيوت الفهيدي القديمة للمرويات، وهن النساء اللواتي يحملن الايحلة على رؤوسهن وينقلن المياه الى بيوتهن من الآبار أو الطويان. كما يوجد سوق شعبي يمكن ان يشتري منه الناس الفخاريات، كما يمكنهم تناول الطعام الإماراتي المطبوخ بالفخار. وعن تنظيم هذا المهرجان، قال المدير العام بالإنابة لهيئة دبي للثقافة والفنون، سعيد النابودة لـ«الإمارات اليوم»: «إن صناعة الفخار تاريخية ومتأصلة في معظم الحضارات العالمية، وقد ارتأينا في أسبوع دبي للتصميم أن نركز على حرفة فيها جانب كبير من التصميم، وفي المنطقة التاريخية، لإعطاء التنوّع المطلوب في المشهد الثقافي بدبي». وأضاف: «كانت هناك صرخة استغاثة من المعنيين بصناعة الفخار بسبب قرب اندثار هذه الصناعة لعدم تسليط الضوء عليها، فكما أوجدت (دبي للثقافة) مهرجانات تسعى لدعم المجتمع الثقافي ومنها سكة، ومهرجان الشباب في قطاع المسرح، أوجدنا هذا الحدث الذي يدعم هذه الصناعة الكونية والعالمية، ولاسيما أنها صناعة تحمل التجديد المستمر».

«مواريث»

مدير إدارة البرامج الثقافية والتراثية في «دبي للثقافة»، فاطمة لوتاه، لفتت الى أن الهيئة اتجهت للفخار، بتنظيم مهرجان لمدة أسبوع، وسيكون مهرجاناً سنوياً للحفاظ على هذه الحرفة، مشيرة الى انه في السنة المقبلة ستكون هناك مشاركة في منطقة الشندغة مع البرنامج الذي تنظمه الهيئة في المنطقة بعنوان «مواريث»، إذ سيتم إدخال حرفة الفخار الى مجموعة الحرف التي تدرس في المعهد، وسيتمكن الجيل الجديد من تعلم الحرفة من البدايات وحتى المراحل المتطورة. ونوهت بأن مشاركة الأطفال بالرسم على الفخار، تأتي ضمن مراكز التنمية التراثية في المدارس الحكومية، حيث يتم تعليم الأطفال الحرف التراثية القديمة. وأشارت الى وجود مجموعة من الأطفال الذين باتوا يقدمون منتجات خاصة بهم، وسيعرضون هذه المنتجات في «اكسبو2020»، وهي تتميز بكونها مصنوعة بحرفية عالية، ومن ناحية الحرف الأخرى التي سيسلط عليها الضوء في مرحلة مقبلة، فنوهت لوتاه بكونهم سيقدمون صناعة التلي كونها من الحرف الدقيقة التي تدخل في صناعة الكثير من الأمور لتزيينها، الى جانب حرفة السعف التي يمكن ان يبدع فيها الجيل الجديد بأشياء معاصرة.

مقتنيات عائلية

من جهتها، قالت الخبيرة في التراث الشعبي فاطمة النقبي، التي شاركت بمجموعة من الفخاريات، حيث ساندت الهيئة بتنظيم المهرجان، لـ«الإمارات اليوم»، إنها وجهت الأهداف لخدمة الطفل والشباب بالدرجة الأولى، خصوصاً أن هذه الحرفة مهددة بالاندثار، فلم يتبق أي حرفي اماراتي من الأجيال الماضية يعمل بالفخار. ولفتت الى أن المقتنيات التي قدمت في المعرض هي مقتنيات عائلية، فهي تملك متحفاً شخصياً في مدينة خورفكان التاريخية، معبرة عن قناعتها بأن المتاحف الشخصية يجب ألا تكون حكراً على العائلات، بل يجب ان تقدم للجميع كي يراها الناس. ونوهت بأن العائلات الإماراتية القديمة كلها كانت تستخدم الفخار، ولكن بعد أن تركت المساكن القديمة تركت الفخار إلا بعض العائلات التي حملت معها الفخار ليكون جزءاً من ذاكرة وطن وليس ذاكرة أشخاص فحسب. ورأت أن هذه المهرجانات يمكنها أن تنقذ هذه الحرف، فهي تقدم المعلومات من منابعها. كما أن هذه الذاكرة قد تندثر بين يوم وليلة، ولهذا لابد من خلق جيل جديد يمارس صناعة هذه الحرف، وليس بالضرورة أن تكون للاستخدامات القديمة نفسها، فمن الممكن أن تستخدم للزينة بعد الرسم عليها. ولفتت الى أن في دبي مجموعة كبيرة من الفخار القديم، وهناك قطع وجدت في المدافن، وفي المواقع الاقتصادية كما وجد العقيق من الهند وخشب شجر الزيتون من سورية والكثير من الدول، وهذا يؤكد كيف كانت دبي عاصمة تجارية واقتصادية منذ القدم.

مراحل

تعد صناعة الفخار من أقدم الصناعات التقليدية في الإمارات، ولها تاريخ حافل في مناطق مختلفة فيها.

وتمر صناعة الفخار بطريق طويل تبدأ من جلب مادتها الأولية وهي: الطين من الجبال أو الوديان ثم تنعيمه، ما يساعد على نخله وتنظيفه ليخلط بعدها بالماء جيداً؛ إذ تستخرج الشوائب أثناء الخلط ويترك الطين حتى يتماسك ثم يأخذ الصانع منه ما يريد.

ورش عمل

إلى جانب المعروضات الموجودة في المهرجان، إلا أنه يتيح للزوّار من مختلف الجنسيات فرصة صناعة الفخار، فيمكنهم تعلم كيفية صناعة الأواني الفخارية، وكذلك توجد ورشة عمل خاصة للأطفال تتيح لهم تلوين الفخار والرسم عليه، بحيث تتحول القطعة الفخارية الى تحفة فنية بأنامل الصغار. كما خصص المهرجان مكتبة خاصة تحتوي على كل ما كتب عن الفخار، الى جانب عرض فيلم قصير ينقل تفاصيل هذه الحرفة.

- الحرفة مهددة بالاندثار إذ رحل أغلب من يمارسونها.

تويتر