ثلاثة اعتبارات تقنية ستعيد رسم ملامح بيئات العمل الهجينة

أصبحت التغييرات الجذرية التي طرأت على سُبل عملنا نتيجة أزمة كوفيد-19 واقعاً لا شك فيه؛ حيث انتهت حقبة نظام العمل بساعات الدوام الكاملة لخمسة أيام في الأسبوع وحل مكانها بيئة هجينة تسمح للموظفين باعتماد نوع من التناوب بين العمل في المكاتب أو عن بُعد بحسب ما يتماشى مع أجندتهم.  

ويأتي الاعتماد المتزايد على سياسات العمل الهجينة في مرحلة تحولية بالنسبة للقطاع على مختلف الأصعدة؛ فبينما يُشجع قادة الحكومات والشركات موظفيهم على العودة إلى المكاتب بوتيرة أكبر، ما يزال يشعر كثير من الموظفين بعدم الارتياح لهذه الخطوة، في حين يعتبر البعض أنفسهم غير مستعدين بعد للتضحية بالمرونة وعوامل الراحة الأخرى التي تمتعوا بها أثناء أداء مهام العمل من المنزل بكل نجاح. وأدى هذا الأمر إلى وضع الشركات في قطاعي الأعمال وتكنولوجيا المعلومات بشكل عام تحت مستويات هائلة من الضغط لتحديد الأدوات والبنى الكفيلة بتلبية الاحتياجات المتنوعة للموظفين بما يضمن النمو المستقبلي لأعمالهم.

كما سلّط هذا التحول الضوء بالفعل على حاجة المؤسسات للحفاظ على مرونتها وقابليتها للتكيف مع التغييرات ومواصلة تفاعلها مع موظفيها. ويتمثّل أحد المكونات الرئيسية لهذا التوجه في تقييم مدى الدعم الذي يُمكن للتقنيات الحديثة أن تُوفره للبيئات الهجينة من أجل الجمع بين أفضل مزايا سياسات العمل في المكتب ومن المنزل بما يضمن استمرارية الإنتاجية. وتحظى الشركات التي ستُثبت قدرتها على استثمار هذه التقنيات واعتماد المرونة وفهم احتياجات موظفيها والاستفادة منها والحد من مخاوفهم على أكمل وجه بأكبر فرص للنجاح والازدهار في عالم الأعمال بحلّته الجديدة.

وفيما يلي ثلاثة اعتبارات رئيسية من شأنها رسم ملامح بيئات العمل الهجينة، والتي قد تُشكل نقاط انطلاق محتملة للنقاشات حول استراتيجيات العمل الهجينة مع الكوادر الإدارية والموظفين على حد سواء.  

الحواسيب المحمولة والأجهزة الشخصية تحظى اليوم بأهمية غير مسبوقة  

أثبتت الأشهر الـ 18 الأخيرة مدى أهمية حواسيبنا المحمولة وأجهزتنا الشخصية فيما يخص نجاحنا على الصعيد المهني اليومي؛ ولم تنحصر فوائد هذه الحلول التقنية بتسهيل المهمات اليومية وإدارة محتوى الشركات فحسب، بل أصبحت في أغلب الأحوال بوابةً للتفاعل مع الزملاء بعد تحول الاجتماعات إلى صيغة الغرف الافتراضية ومنصات الاتصالات الموحدة. وفي الحقيقة، وجدت دراسة بحثية أجرتها باركو في أبريل لعام 2021 بأنّ أكثر من ثلاثة أرباع العاملين (77%) يعتقدون بأنّهم لن يكونوا قادرين على العمل دون حواسيبهم المحمولة.

وبالنظر إلى هذا الارتباط الكبير الذي ظهر مؤخراً بين الموظفين وحواسيبهم الشخصية، يوجد توجه واضح إلى الاستمرار في الاعتماد على الحواسيب المحمولة والاتصالات القائمة عليها في ظلّ بيئات العمل الهجينة. أمّا بالنسبة للشركات الرائدة في قطاع الأعمال، فيتمحور التوجه الحالي حول تمكين الموظفين العاملين في المكاتب أو عن بُعد لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذه الأجهزة.

كما اعتاد الموظفون على مزايا بساطة الاتصال وسهولة التنقل بين خيارات تنظيم الاجتماعات الرائجة، مثل تيمز أو زووم أو ويبكس، عند مقارنتها بغرف الاجتماعات التقليدية وما تفرضه من تعقيدات متعلقة بالشبكات السلكية وصعوبات تأمين الاتصال في بعض الأوقات. وربما لن يكون الموظفين مستعدين لمواجهة هذه الصعوبات مجدداً، والتي حالت في كثير من الأحيان دون انعقاد الاجتماعات في الوقت المحدد، بعد استئناف العمل في المكاتب.  

ويتعيّن على قادة الشركات الراغبين بسد هذه الفجوة أن يُفكروا في الارتقاء بإمكانات التعاون الافتراضي لدى شركاتهم. وستكون منصة ClickShare من باركو، على سبيل المثال، قادرةً على الاتصال بالحواسيب المحمولة للمستخدمين لتنظيم غرف الاجتماعات وملحقاتها بشكل تلقائي وفقاً لشروط يتم تحديدها مسبقاً، وذلك بالتوازي مع دعم مراكز الاجتماعات الافتراضية التي لطالما اعتمدنا عليها؛ حيث يُمكن لهؤلاء المستخدمين الدخول إلى الغرفة وبدء العمل دون الحاجة إلى إجراء أي تدابير معقدة تتعلق بالاتصال أو الإعدادات الفنية.

تقنيات الفيديو: أساس بيئات العمل الهجينة

بعد أعوام طويلة تنافس فيها الموظفون على المقاعد في غرف اجتماعات الفيديو، أثبت الانتقال إلى بيئة العمل عن بُعد بأنّ التواصل الناجح عن طريق الفيديو مُمكن من أيّ مكان بمجرد تشغيل شاشة الحاسب المحمول.

وسيبقى الاعتماد على اجتماعات الفيديو العامل الأساسي لنجاح بيئات التعاون الهجينة، لا سيما وأنّ مستقبل بيئات العمل سيتضمن التواصل الدائم بين الموظفين في المكاتب والعاملين عن بُعد. ويُمكن للشركات الاستعداد لهذا النوع من الاجتماعات من خلال ضمان حصول جميع الموظفين على الإمكانيات اللازمة للاستفادة من تقنيات الفيديو. وبالنظر إلى ما شهدناه خلال الأشهر القليلة الماضية، لا نجد أي سبب يمنع تحويل جميع قاعات الاجتماعات في الشركات إلى غرف مخصصة للاجتماعات بتقنية الفيديو، من خلال تأمين الاتصال اللاسلكي إلى جانب الشاشات والميكروفونات والكاميرات التي تتكامل مع اعتماد الموظفين على الحواسيب المحمولة.  

كما غيّرت تقنيات الفيديو سُبل تنفيذ الموظفين لأعمالهم، إذ أصبح من الممكن اليوم تنظيم العروض التقديمية الخاصة بالمبيعات والتواصل مع العملاء، التي لطالما انعقدت في غرف الاجتماعات الضخمة، عن بُعد؛ مع التركيز على جميع الاعتبارات المتعلقة بالصحة والميزانية والقيود المفروضة على السفر، حيث من المتوقع أن تصبح هذه الطريقة أسلوب العمل السائد في القطاع. وتستطيع الشركات تمكين هؤلاء الموظفين لضمان نجاحهم من خلال تحديث الحلول التقنية التي يعتمدونها في المكاتب أو عن بعد، وهذا يشمل كُل شيء بدءاً من تعزيز إمكانات الصوت والفيديو في مراكز العملاء وغرف العروض التقديمية وصولاً إلى تزويد العاملين عن بعد ممن يستخدمون حلول الاتصال هذه بجميع الملحقات المستخدمة في المكتب لضمان حصولهم على أفضل جودة للاتصال.

تهيئة الفرص المتكافئة

يُعد الشعور الذي قد يتولد لدى بعض الموظفين العاملين عن بُعد في بيئة العمل الهجينة نتيجة التجارب غير المتكافئة واحداً من أبرز الاعتبارات والتحديات التي يُمكن أن يواجهونها؛ حيث لا يود العاملون عن بُعد أن يشعروا بأنّهم مُستبعدون من عملية اتخاذ القرارات الهامة أو غير قادرين على أداء مهامهم بنفس مستوى زملائهم، نتيجة عدم وجود طريقة لمحاكاة الحوارات والتفاعلات الشخصية التي تجري في المكتب على أكمل وجه.

ولكن باستطاعة التقنيات الحديثة أن تسد هذه الفجوات وتضمن حصول الموظفين العاملين عن بُعد على كامل الأدوات التي تمنحهم الشعور بالثقة والراحة لأداء مهامهم بنجاح. ولطالما واجه المشاركون في الاجتماعات عن بُعد قبل أزمة كوفيد-19 صعوبات كبيرةً لإيجاد حيز كاف لطرح أفكارهم أو مجاراة الملاحظات داخل غرفة الاجتماع الفعلية أو حتى متابعة المحتوى الذي يُعرض على شاشتها. وأمّا الآن، وفي ضوء ابتكار تقنيات مثل ClickShare Conference، أصبح بإمكان جميع المشاركين في الاجتماع الاطلاع على الأفكار المطروحة وتبادلها من خلال مزايا افتراضية مثل لوح الملاحظات والتعليقات التوضيحية والاقتراع. ولم يعد هُناك مجال لتجاهل أي معلومة أو فقدانها، بينما يشعر كُل مشارك بأنّ صوته مسموع ورأيه مهم لدى الجميع.  

كما تتسم بيئات العمل الهجينة بديناميكيتها، إذ تختلف هيكليتها وبُنيتها بحسب الشركات والفرق والقطاعات. ومع ذلك، أصبح من الواضح بأنّ التقنيات الحديثة لم تعد مُجرد جزء وظيفي من يوم العمل، بل تحولت إلى أداة تفاضل فيما يتعلق بتوظيف الفرق واستبقائها وتعزيز قدراتها. ويوفر هذا التحول فرصةً جديدةً لإعادة تصور ما ستبدو عليه بيئة العمل المثالية مستقبلاً؛ فمن خلال الربط بين احتياجات الموظفين والحلول المبتكرة، ستكون الشركات قادرة على تحفيز فرقها لبذل أفضل ما بوسعها بصرف النظر عن أسلوب العمل الذي تعتمده. 

تويتر