رؤية

أثر ارتفاع إيجارات المكاتب في اقتصاد دبي

نجيب الشامسي

في الوقت الذي تحتل دبي المركز الأول عربياً، والـ19 عالمياً، ضمن مؤشر أفضل علامات المدن لعام ،2009 من بين 50 مدينة في التصنيف، وفقاً لتقرير أصدرته مؤسسة «جي.إف.كي.روبر» الأميركية للأبحاث، حيث حصلت دبي على 57.2 درجة في المؤشر العام، وفي الوقت الذي يشير فيه هذا التقرير إلى أن دبي سجلت مركزاً مرموقاً، طبقاً لمعيار الوجود في الساحة الدولية على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، فإن تقرير مجموعة «سي.بي ريتشارد إيليس.غروب إنك» للأبحاث والاستشارات العالمية، وضع دبي في المرتبة التاسعة بين أسواق المكاتب العشر «الأعلى» كُلفة في العالم، حيث بلغ سعر إيجارات المكاتب في دبي 108.9 دولارات، أي بنحو 400 درهم للقدم المربعة الواحدة في السنة، في حين احتلت أبوظبي المرتبة 19 بسعر إيجارات بلغ 72.7 دولاراً، (نحو 267 درهماً) للقدم المربعة الواحدة في السنة! فماذا يعنى ذلك؟!

إن ذلك يعني أن الارتفاع في إيجارات المكاتب، ليس بأمر محمود أو إيجابي على الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية لدبي، التي تعاني بعض شركاتها من تأثر واضح بتداعيات الأزمة المالية العالمية، فهذا الارتفاع في إيجارات المكاتب، سيؤثر في البنية الاستثمارية، ومن ثم في الأوضاع الاقتصادية للإمارة الواعدة التي تسعى جاهدة إلى المحافظة على استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية، وصياغة بيئة استثمارية محفزة لرؤوس الأموال داخلها، وجذب نصيب من الاستثمارات الأجنبية إليها.

وجاء هذا الارتفاع متزامناً مع ارتفاع أسعار المحروقات الذي أعلن عنه أخيراً بنحو 15 فلساً للتر البنزين، ما ينذر بعودة جديدة لمعدلات التضخم في الدولة عموماً، ودبي خصوصاً التي سجلت أرقاماً قياسية في أسعار الإيجارات، ومعدلات التضخم قبل الأزمة المالية العالمية.

إن دبي من خلال قانون الإيجارات، يستوجب على جهازها الرقابي ومؤسساتها الاقتصادية والتشريعية، الحد من ارتفاع الإيجارات في إطار سياسة المحافظة على الاستثمارات، وجذب مزيد من رؤوس الأموال، خصوصاً أن هناك مدناً أخرى سواء داخل الدولة، أو في دول الجوار، تنتظر هذه الفرصة السانحة لتعطي مزيداً من التسهيلات والحوافز، بما في ذلك إيجارات المكاتب ومختلف أنواع العقار، لجذب أو سحب جزء من الاستثمارات الموجودة في دبي.

إن من دروس الأزمة وفوائدها، أنها شكّلت هزّة لمختلف الأسواق والاقتصادات، بما فيها اقتصادنا الوطني وأسواقنا المحلية، وعلينا أن نستفيد من تلك الدروس في تصحيح أوضاعنا الاقتصادية، بما في ذلك الحد من ارتفاع الإيجارات، ومنع فوضى التلاعب بالإيجارات والأسعار من قبل عدد من أصحاب العقارات والتجار، فهل نعي تلك الدروس، أم نترك الحبل على الغارب بدعوى حرية السوق والاقتصاد؟!

alshamsi.n@hotmail.com

 

تويتر