مزاج‏

‏‏نساء ضد المرأة!‏

‏‏برأيي الشخصي، والمتواضع، أنه مادامت المرأة تحتفل بيوم المرأة، فلن تكون أبداً امرأة واعية وناضجة و... حرّة!

هذا الكلام سيثير غضب الكثيرات... أعرف!

لكنني لا أفهم كيف تتواطأ المرأة مع فكرة اعتبارها كائناً مستهجناً يجري الاحتفاء به يوماً واحداً في السنة... وتقام له الاحتفالات الساذجة وتلقى في مديحه الكلمات، وكأنها مخلوق نادر تم اكتشافه، وستجري أنسنته لاحقاً!

لماذا تذعن المرأة لفكرة أنها مخلوقة مختلفة، وتقبل التعامل معها كما لو كانت من «ذوي الاحتياجات الخاصة»، فيصير نجاحها حدثاً غير متوقع، وتفوقها مناسبة مدهشة، وفوزها يستحق الاحتفاء به وتبادل التهاني؟

أليس هذا اعترافاً صريحاً وواضحاً منها بأن نجاحها وتفوقها وفوزها كانت نتائج غير متوقعة؛ لأنها امرأة، وأن الوضع الطبيعي هو أن لا تنجح ولا تتفوق، وبالتالي إن حدث ذلك فهو مناسبة استثنائية!

أليس هذا ذروة الامتهان للمرأة، والتمييز ضدها، حين يصير أي إنجاز لها خارج التوقعات، ويتطلب احتفالاً من نوعٍ ما؟

أليس شعار «تمكين المرأة» الذي ترفعه مئات المؤسسات والهيئات، هو شعار يعترف ضمناً بأن المرأة «غير متمكنة» أصلاً؟!

وأن جهوداً جبارة يتوجب - من وجهة نظر هذه المؤسسات- بذلها؛ لتتمكن المرأة من، ويصير بوسعها أن، وقادرة على، ويمكنها أن، تمارس الدور المنوط بها، أو المسؤوليات الملقاة عليها؟

لماذا إذن تقبل المرأة هكذا شعارات تنتقص من اكتمال إنسانيتها، وتشكك في أهليتها؟

ولماذا تقرّ المرأة بأن أي نجاح تحققه هو قفزة في مضمار سباق مع خصم متخيل؟! هل تشعر المرأة فعلاً بأن هناك أعداء يتربصون بخطواتها؟ أم هي الهواجس التي تزرعها في رأسها مؤسسات يهمها جداً أن يظلّ هذا الصراع الوهمي محتدما؟!

أنا لا أقول إن المرأة قد أخذت حريتها تماماً وكما تستحق، وكتبتُ كثيراً عن الجرائم التي تتستر بالشرف، ولكنني أقول أيضاً إن عليها أن تطالب بحقوقها كإنسانة أولاً وضمن المجموع البشري المنتهك بشكلٍ ما، وأن لا تستدرجها الدعاوى الساذجة عن «النضال» ضد استبداد الرجل!

فليست هناك مؤسسة بهذه البشاعة اسمها مؤسسة الرجل، وليست ممارسات الرجال ممأسسة وممنهجةً وقائمة على رأي دكتاتور واحد!

فما يحصل من انتهاكات يحصل بشكل فردي، وليست هناك نوايا مسبقة، ومخطط لها عند نصف المجتمع للقبض على النصف الآخر!

و«النضالات» التي تخوضها هذه المؤسسات يترتب أن تكون على قاعدة غير التصنيف البيولوجي المقيت، بل دفاعاً عن الشريحة المقهورة أياً كان جنسها؛ لأننا إن رضخنا لتقسيمنا على أساس الجنس فثمة قهر من نوع ما (ليس الآن مجال بحثه) يتعرض له الرجل من المرأة، وعلى أساس جنسي بحت!

... في المحصّلة أقول إن المرأة هي أول من يسيء لـ«قضية» المرأة حين تعترف بأنها كائن يجري الاحتفال به يوماً واحداً في السنة، (تماماً مثل عيد الشجرة) وكأنها تقرّ وتوقّع على بياض بموافقتها على انتهاك حقوقها باقي أيام السنة!

وهي أكثر من يهين تضحياتها وآلامها المقدسة حين تقبل بدعاوى «تمكينها» وكأنه «لا يمكنها» أبداً القيام بشيء!

والمرأة في مقدمة من يسيء للمرأة حين تقبل بأن تنجح ضمن حسابات «الكوتا»، وليس بقدراتها الشخصية!

وربما كان على المرأة أن تتعامل مع نفسها كإنسان «كامل العضوية» في الشراكة الإنسانية، وليس كضلع ناقص يظلّ موضع اختبار على مدار الوقت، ومطلوبا منه أن يبرهن قدراته البسيطة في كل ساعة، لنصفق له!

وأن تكفّ عن وضع نفسها بمقام الطفل الذي نحتفل به كلما «أمكنه» فعل شيء، أو مثل ذوي الاحتياجات الذين علينا تشجيعهم كلما أنجزوا شيئاً، فهذا قمة الانتقاص من إنسانية المرأة!‏

nowaar@hotmail.com

تويتر