‏كل يوم‏

‏شفط المياه ليس إنجازاً! ‏

‏ليس إنجازاً أن تفصح بلديات الدولة عن عدد الغالونات التي تم «شفطها» من الطرق والشوارع الرئيسة والمناطق السكنية المختلفة، لا يهمنا أبداً أن نعرف أنه تم سحب ثمانية ملايين غالون مياه من شارع حيوي مهم مثل شارع الإمارات، ولا من أي طريق غيره، لكن المهم أن يكشف لنا المسؤولون عن البلديات والطرق عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تكدس هذه المياه، وأن يشرحوا لنا الكيفية التي جعلت الشوارع تتحول إلى برك سباحة، ولماذا لم تستوعب شبكات الصرف كميات المياه المنهمرة بسبب الأمطار.

لا نريد أن نقرأ عن عدد مضخات سحب المياه التي وفرتها البلديات لسحب المياه من الشوارع، ولا نريد أن نعرف كيفية عمل الفرق في الميدان، لكننا نحتاج إلى أن نسمع أو نقرأ عن تشكيل لجان تحقيق ومتابعة لمحاسبة المقصرين، ومعرفة الخلل، وبحث إمكانية علاج هذه المشكلة مستقبلاً بشكل جذري حتى لا تتكرر خلال السنوات المقبلة!

العيوب التي كشفت عنها أمطار ساعة واحدة فقط، قابلة للتكرار بشكل شبه سنوي، ولن تحلها تصريحات، ولا مضخات، ولا «تناكر شفط». نحن نحتاج إلى أن نقنع مسؤولينا أن هناك تغيراً كبيراً في المناخ العالمي، وهناك آراء «علمية» عديدة تؤكد أن منطقة الخليج، والإمارات جزء لا يتجزأ من الخليج، معرضة للأمطار والعواصف بشكل أكثر بكثير من سنوات الماضي، ولربما تكون السنوات المقبلة أكثر شدة وعنفاً مطرياً من سابقاتها، فهل سنظل نتصرف مع الأمطار بالطريقة «البدائية» نفسها التي شاهدناها اليومين الماضيين، والتي تعتبر امتداداً «طبيعياً» لما شاهدناه العام الماضي والذي سبقه!

بالتأكيد هذا أمر غير مقبول ومرفوض، والمطلوب الآن إعادة ترتيب الخطط والأولويات وفق التطورات العلمية الحديثة، ولا مانع من تخصيص ميزانيات جديدة لتوسعة بعض الشبكات التي شيدت بناءً على دراسات رصد كميات مياه الأمطار خلال 20 أو 30 سنة ماضية، لكنها اليوم بدأت تعاني ضعفاً واضحاً في التصريف، لأن الكميات الجديدة تعادل أضعاف القدرة الاستيعابية للشبكات الحالية، وأمطار اليوم ليست كأمطار الأمس، والمناخ العالمي هذا العام ليس كالسنوات الماضية، والمستقبل أشد وأسوأ، ومن غير المنطقي أن نواجه دراسات المطر المستقبلية بشبكات شيدت على أساس 20 سنة ماضية!

وبالتأكيد الشبكات القديمة جزء من المشكلة، لكنها ليست كل المشكلة، وهناك ما هو أكبر وأمر، تلك المراكز التجارية الحديثة، وتلك المناطق الجديدة، كثيفة الأبراج والعمران، والميادين والأنفاق والتقاطعات الحديثة، والتي خرقتها المياه من كل جانب بشكل يجعلنا نتساءل عن وجود شبكات لتصريف مياه الأمطار فيها من الأساس، وعن كيفية التفكير في إقامة الأبراج، قبل أن نفكر في تصريف المياه، فهل هذا آخر ما توصل إليه علم تخطيط المدن؟

لا ندري ربما تكون هناك مدارس هندسية جديدة، فالعلم دائم التطور، ولربما أن المهندسين فكروا في التوفير وتقليل التكلفة المالية، فتكلفة توفير 20 «تنكر شفط» لمدة أسبوعين، لا تعادل تكلفة إنشاء شبكة حديثة لتصريف المياه في منطقة سكنية، فكان الخيار الأول هو الأسهل، ولا يهم حساب تكلفة سمعة المدينة والبلد، ولا يهم حساب تكلفة الأضرار التي لحقت بالناس جراء ذلك، ولا يهم «بهدلة» مئات الآلاف من البشر، وسط العواصف والمطر!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر