تسعى إلى جعل مساعدها الرقمي «كورتانا» الأداة الرئيسة والمهيمنة في القطاع

«مايكروسوفت».. المساعدات الرقمية الصوتية «معركة المستقبل»

«مايكروسوفت» تسعى إلى نشر «كورتانا» في كل شيء من أجهزة الكمبيوتر إلى الجيل المقبل من السيارات. أرشيفية

عادت شركة «مايكروسوفت» الأميركية إلى سياستها الهجومية الشرسة، التي دأبت تاريخياً على استخدامها ضد الخصوم والمنافسين، وبدأت تستخدمها مجدداً، وهذه المرة ضد شركتي «غوغل» و«أمازون» في مجال المساعدات الرقمية الشخصية المعتمدة على الأوامر الصوتية، إذ تحدت «مايكروسوفت» الجميع، وأعلنت أنها تعتبر المساعدات الرقمية الشخصية الصوتية «معركة المستقبل» بالنسبة إليها، وأن الشركة بمواردها ومنصاتها التقنية على اختلاف وظائفها، سيتم تجنيدها للفوز في هذه المعركة في أقرب فرصة. ولفتت الشركة إلى أن الهدف هو انتزاع السيادة من «أمازون» عبر منتجيها «إيكو» و«إليكسا»، ليتم محاصرتهما في زاوية «المستهلك الفرد» ذي العلاقة بتجارة التجزئة فقط، وحشر «مساعد غوغل» في منطقة المساعدة على البحث فقط، لتكون «كورتانا» من «مايكروسوفت» أداة الإنتاج المهيمنة وذات السيادة في هذه السوق.

خطة استراتيجية

وطبقاً لتقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com، فإن هذا التحرك الخشن من «مايكروسوفت» جاء تزامناً مع انطباع عام ساد خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية «سي إي إس» الذي اختتم فعالياته في مدينة لاس فيغاس الأميركية أخيراً، بأن الرسالة التي خرجت من المعرض في ما يتعلق بسوق المساعدات الرقمية الصوتية تشير إلى أن عام 2017 هو عام: «أمازون أليكسا» و«أمازون إيكو»، كمنتجين مترابطين في هذا المجال. ويبدو أن هذا الانطباع هو الذي دفع «مايكروسوفت» للمسارعة بالإعلان قبيل انتهاء المعرض، على لسان مديرها العام، رايان جافين، عن خطة استراتيجية عامة، تنفذها الشركة، وتنطلق من فكرة واحدة، هي أن سوق المساعدات الرقمية الشخصية المعتمدة على الصوت هي «معركة المستقبل»، وأن معظم هذه الاستراتيجية معلق بمساعدها الرقمي «كورتانا» الذي يعمل مع «ويندوز 10».

إعادة تذكير

- «مايكروسوفت» تسعى إلى توظيف «لينكد إن» و«أوفيس» لدعم «كورتانا».

- تهدف «مايكروسوفت» إلى نشر «كورتانا» كأداة إنتاج في المكتب والمصنع.

وعملياً، فإن ما حرصت «مايكروسوفت» على التأكيد عليه خلال المعرض، لم يكن طلقة البداية في هذه الخطة، وإنما إعادة تثبيت وتذكير بوضع قائم بالفعل، فخطة «مايكروسوفت» المتعلقة بـ«كورتانا» بدأت ملامحها في الظهور قبل ذلك بكثير، وكان آخر تجلياتها في ديسمبر 2016، حينما أعلنت «مايكروسوفت» عن مجموعة أدوات جديدة للمبرمجين والمطورين حول العالم، تسمح لهم بتضمين «كورتانا» في تطبيقاتهم وأجهزتهم، في وقت كانت فيه الثمرة الأولى لذلك، إعلان شركة «هارمان كاردون» للصوتيات، عن إنتاج ميكروفون ذكي يعتمد على «كورتانا» وأوامرها الصوتية في التشغيل.

«كورتانا» في السيارات

لم يكتف المدير العام لـ«مايكروسوفت» خلال المعرض بإعادة التأكيد على الخطة، وإلقاء القفاز في وجه شركتي «أمازون» و«غوغل»، بقوله صراحة إنهم (أي مايكروسوفت) سينتزعون السيادة من «أمازون»، وسيحشرون «غوغل» في خانة البحث، بل دعم ذلك بالإعلان عن مجموعة جديدة من الخدمات لمصنعي السيارات، تعتمد جميعها على المساعد الرقمي «كورتانا»، مؤكداً أنه تم توقيع صفقة مع شركة «نيسان» اليابانية للسيارات، تكون بموجبها «نيسان» أول متعامل يضمّن «كورتانا» في طرازاته من السيارات، ما يعني أن السيارات المقبلة من «نيسان» ربما تتضمن «كورتانا»، كجزء من الأشياء العاملة في لوحة القيادة، لتتفاعل معها بالصوت، وتقدم العديد من الأوامر، أو ترد على الهاتف، وتبحث في الرسائل النصية والبريد الإلكتروني، أو تطالع الأخبار عبر الإنترنت، أو تراجع جدول المواعيد، وتبحث للسائق عن بعض الملفات والوثائق وتعرضها على اللوحة أمامه.

«توظيف» التقنيات

وعلى هامش إعلانه عن هذه الخطة، قال رايان جافين إن التقنيات والحلول والمنتجات القائمة في بيئة عمل «مايكروسوفت» بالكامل، جرى حشدها وتجنيدها أو توظيفها، لتشارك في إدارة معركة «كورتانا من أجل المستقبل»، ويتضمن ذلك حزمة «مايكروسوفت» المكتبية «أوفيس»، و«مايكروسوفت آزرو» المسؤول عن بيئة الحوسبة السحابية، وصفقة شراء «لينكد إن» التي بلغت 26.2 مليار دولار خلال العام الماضي، فضلاً عن لوحات القيادة والمؤشرات داخل السيارات.

أداة إنتاج

وهذا يعني أن «مايكروسوفت» تمضي قدماً نحو انتزاع السيادة من «أمازون» و«غوغل» وغيرهما من الشركات التي تقدم مساعدات رقمية ناشئة في سوق الصوتيات، من خلال طرح «كورتانا» كمساعد رقمي يتخصص أكثر في العمل على زيادة إنتاجية الفرد والمؤسسة، نظراً لأن «أمازون» تركز بصورة كبيرة على استخدام «إليكسا» في إدارة التجارة، فيما تركز «غوغل» على استخدام مساعدها في البحث، لتمثل هذه الأمور نقطة قوة لدى الشركتين.

ولذلك، فإن المساعد الرقمي «كورتانا»، على حد قول جافين، يقف فعلياً خارج هذا الحشد، وسيغرد منفرداً باعتباره أداة إنتاجية، قادرة على التحكم في أدوات بعينها داخل المنازل الذكية، والمصانع والمؤسسات وبيئات العمل المختلفة، وحتى في مجال الترفيه، ستكون هذه الأداة قادرة على وضع تنبؤات خاصة بمباريات اتحاد كرة القدم الأميركي، وتنبؤات خاصة بجوائز «أوسكار».

التفوق على المنافسين

تحقيقاً لذلك، تعتبر «مايكروسوفت» أن مفهوم الأوامر الصوتية ضرورة، ولتدعيم هذا التوجه، فإن الشركة تستثمر في «روبوتات» الدردشة المعروفة باسم «بوتس»، وهي برمجيات تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتتعامل على الإنترنت وشبكات التواصل وكأنها مستخدمون عاديون، ومن أشهرها روبوت «شاوس» في الصين، وروبوت «زوو» للتصحيح السياسي. وترى «مايكروسوفت» أنه يمكن لـ«بوتس» أن تصبح مصدراً لتعليم «كورتانا» ومده بمزيد من القدرات التي تجعله يقوم بمحادثات شبيهة بمحادثات البشر، ما يجعله يعمل بصورة أفضل، كمساعد رقمي.

ويؤكد جافين أن «كورتانا» سيكون متفوقاً على المساعدين الرقميين الآخرين، بفضل ارتباطه الوثيق بحزم برمجيات «مايكروسوفت»: «إكستشينج» و«آوتلوك»، والتي ستمنحها نظرة أفضل على رسائل العمل لدى المستخدمين وجدول أعمالهم، فضلاً عن أن حزمة «أوفيس 365» لخدمة الحوسبة السحابية ستجعل «كورتانا» يحصل على قوة البحث في الملفات، ويحضر المستندات ذات العلاقة بالمحادثة الجارية أو الأوامر الصادرة إليه.

وعاجلاً وليس آجلاً، ستدخل خدمات ومعلومات «لينكد إن» على الخط، لتغذي «كورتانا» بالعديد من المعلومات المتعلقة بالسياق الخاص بالناس الذين تجري معهم المحادثة، كما ستوفر «مايكروسوفت» الأدوات للمطورين ليس فقط لربط تطبيقاتهم بـ«كورتانا»، بل لاستخدام خدمات «مايكروسوفت آزور» الإدراكية، وإعطائهم مستويات مشابهة من الذكاء الاصطناعي، وهم يستخدمون «كورتانا» في تطبيقاتهم وحلولهم.

وطبقاً للخطة، سترسي «مايكروسوفت» الأساس العام لنشر «كورتانا» في كل شيء، من أجهزة كمبيوتر «ويندوز 10» الشخصية، إلى أدوات مثل ميكروفونات «هارمان كاردون»، والجيل المقبل من سيارات شركات مثل «نيسان»، وأدوات الإنتاج في المصانع، وأدوات التواصل مع خدمات المرور، والمرافق العامة، وغيرها.

تويتر