في نقلة ستكون عنواناً للمرحلة المقبلة بمسيرة التقنية يمكن أن تمتد إلى 8 سنوات

«غوغل» تنتقل من عالم «المحمول أولاً»إلى «الذكاء الاصطناعي»

«غوغل» عملت على التكامل شبه التام بين هواتف «بيكسل» والمساعد الرقمي ومحرك بحث «غوغل» نفسه. من المصدر

في تمهيد لإطلاق شركة «غوغل» هواتفها الذكية الجديدة «بيكسل»، قال مديرون تنفيذيون في الشركة الشهر الماضي عبر تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنهم سيتحدثون خلال مؤتمر الشركة عن أخبار سيظل تأثيرها سنوات عدة مقبلة.

وكانت «الإمارات اليوم» رصدت خلال الأيام التالية للمؤتمر الذي عقد الأسبوع الماضي، ردود الفعل الصادرة حوله في مواقع التقنية الكبرى، والبيانات الصادرة عن الشركات والمؤسسات البحثية المتخصصة، إذ خلصت من هذه المراجعات إلى أن «غوغل» وضعت بالفعل عنواناً لمرحلة جديدة، لا تنصب على الهواتف الذكية في حد ذاتها، لكن على مسيرة التقنية المحمولة بكاملها، وتقوم على فكرة واحدة هي «إما الذكاء الاصطناعي أو الخروج من السباق».

المغزى الأساسي

وانطلاقاً من ذلك، يكون من الخطأ التعامل مع الهواتف الذكية والمنتجات الأخرى التي أعلنت عنها «غوغل» الأسبوع الماضي على أنه تقديم لاثنين من الهواتف الذكية القوية المتمتعة بمواصفات وإمكانات تنافس ما تقدمه «أبل» و«سامسونغ» وغيرهما من اللاعبين الكبار في سوق الهواتف المحمولة، وأجهزة أخرى تتعلق بالمنزل الذكي، والنظارات الرقمية وخلافه، لأن المغزى الأساسي مما قدمته «غوغل» في ذلك اليوم هو الانتقال من عالم «المحمول أولاً» إلى عالم «الذكاء الاصطناعي أولاً»، وهي نقلة علمية تقنية استهلاكية تجارية مهمة، ستكون عنواناً للمرحلة المقبلة في مسيرة التقنية، التي يمكن أن تمتد خمس سنوات أو ثمانية مقبلة.

وقد تعاملت «أبل» مع المرحلة الجديدة بحذر وهي تطلق هاتفها الجديد «آي فون 7»، وربما احتفظت بها لما يتوقع أن يكون حدثاً كبيراً في العام 2017 أو 2018. غير أن «غوغل» اختصرت الطريق وحرقت الوقت وأطلقتها صراحة في مؤتمرها الأخير لكل مصنعي الهواتف المحمولة والأجهزة اليدوية الأخرى.

مرحلة جديدة

قبيل وخلال مؤتمر «غوغل» لعب مديرو الشركة جميعاً على هذه النغمة، فجملة «الانتقال من عالم المحمول أولاً إلى عالم الذكاء الاصطناعي أولاً» هي الجملة التي كررها الرئيس التنفيذي لـ«غوغل»، سوندار باشي من على خشبة المسرح في سان فرانسيسكو مفتتحاً أعمال المؤتمر، واعتبرها عنوانا لمرحلة جديدة ليس في مسيرة الهواتف المحمولة فقط، لكن في مسيرة التقنية عموماً، والتقنية المحمولة بصفة خاصة.

وقال باشي إن «مكونات وقدرات أي جهاز في الفترة المقبلة لن تكون بقدر أهمية مستوى الذكاء الاصطناعي الموجود بداخله».

عنوان لـ8 سنوات

أما نائب رئيس قسم «أندرويد» في «غوغل»، هيروشي لوكهيمر، فقال: «إننا ننظر اليوم بفخر لذلك التاريخ الذي أطلقنا فيه (أندرويد) قبل ثمانية أعوام، متمنين أن ننظر إلى مؤتمرنا المقبل الذي كُشف فيه عن هواتف (بيكسل) بالفخر نفسه بعد ثمانية أعوام من الآن أيضاً»، وكان يقصد أن طرح فكرة الذكاء الاصطناعي أولاً ستحدث بسوق الأجهزة المحمولة تغييراً يماثل ما أحدثه ظهور «أندرويد» قبل ثماني سنوات، لتصبح هي عنوان الأعوام الثمانية المقبلة.

المساعد الرقمي

وكانت الترجمة الأولى لهذا الأمر من «غوغل»، التكامل شبه التام بين هواتف «بيكسل» الجديدة، ومساعد «غوغل» الرقمي ومحرك بحث «غوغل» نفسه، فمساعد «غوغل» الرقمي، الذي يأتي مثبتاً ومتكاملاً مع نظام تشغيل هواتف «بيكسل»، يستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة مستخدم الهاتف في البحث عن المعلومات مثل الأخبار واتجاهات السير أثناء القيادة أو إطفاء الأنوار في المنزل.

وكل ذلك بالتمازج والتوحد مع قدرات محرك بحث «غوغل» وجميع الخدمات المرتبطة به أو المبنية حوله، في مقدمتها منفذ أو محور «غوغل» للمنزل الذكي الذي جرى الإعلان عنه في مايو الماضي. وحاولت «غوغل» أثناء عرضها له التركيز على أنه يستخدم الرسوميات المبنية على المعرفة التي يقدمها المساعد «غوغل هوم» للمساعد الرقمي على الهاتف، لتمد المستخدم بالمعلومات من قاعدة بياناته وقصاصات أو تلميحات معلوماتية من مصادر أخرى، مثل «ويكيبيديا»، ليكون لدى مستخدم الهاتف في النهاية مساعد رقمي يستطيع جلب المعرفة من «غوغل» بمجرد السؤال.

نماذج أخرى

وخلال مؤتمر الأسبوع الماضي، أعلنت «غوغل» أيضاً عن «راوتر ذكي» لشبكات «واي فاي»، إضافة إلى «كروم كاست» للبث الحي للفيديو، كما ركزت على التكامل بين هواتف «بيكسل» ونظارة «داي دريم» والتواصل بينهما لاسلكياً، فالنظارة التي تعمل بتقنية الواقع الافتراضي، وتستند إلى منصة «داي دريم» التي جرى الكشف عنها في مؤتمر مطوري «غوغل» في مايو الماضي، الهدف منها أن توفر لمستخدمي الهواتف الذكية طريقة للاستمتاع بتقنية الواقع الافتراضي ممزوجة بالذكاء الاصطناعي، داخل وحول الهاتف الذكي والسماعة والنظارة معاً.

وتتفوق «غوغل» في هذه النقطة على «سامسونغ» بأنها تجعل نظارة الواقع الافتراضي تتواصل مع الهاتف لاسلكياً، وليس من خلال تقريب الاثنين من بعضهما بعضاً كما هي الحال مع نظارة «سامسونغ» الافتراضية.

ومجمل ما قدمته «غوغل» أنها تريد أن يعيد التاريخ نفسه من خلال وضعها عنوان لمرحلة جديدة في تاريخ التقنية والبشرية عموماً، يكون فيها الذكاء الاصطناعي أرضية تجمع الهاتف ومدير المنزل الذكي والمساعد الرقمي والنظارة الافتراضية، وتجعل قوة محرك بحث «غوغل» تندمج مع مكونات الهاتف.

تفوّق «أبل»

وعندما تعلن «غوغل» عن هواتف تستهدف تحولاً نوعياً بهذا الحجم، هل يمكن القول إنها تفوقت على ما قدمته «أبل» وهي تعلن عن هاتفها الجديد «آي فون 7» قبل نحو شهر، وبعبارة أخرى: هل استبقت «غوغل» الأحداث وأخذت المبادرة من «أبل» في الإعلان عن هذه النقلة الكبرى المنتظرة؟ حقيقة الأمر أن ذلك ربما يكون ذلك على صعيد الأفكار والتسويق والإبهار الدعائي، فـ«غوغل» معروف عنها التضخيم الكبير لكل ما تقدمه، فيما «أبل» معروف عنها التحفظ الواضح في الحديث عن كل ما تقدمه أو ستقدمه، وأبرز دليل على ذلك أن «أبل» استخدمت في حملتها التسويقية الأخيرة لـ«آي فون» سياسة خفض التوقعات، ثم طرحت منتجا يتجاوز التوقعات.

لكن من الناحية التقنية والحقيقية، تعد «أبل» سباقة ومتفوقة، فقد وضعت مساعدها الرقمي «سيري» ليتكامل تماماً مع «آي فون 7»، من دون أن تجعل من ذلك عنواناً لمرحلة جديدة كما فعلت «غوغل»، بل تفوقت وسبقت «غوغل» أيضاً بما فعلته في سماعة الرأس اللاسلكية الجديد «إيربود»، التي زودتها بشريحة ذكاء اصطناعي خاصة بها، تربط السماعة مباشرة بمساعد «سيري» الرقمي، ليكون الذكاء الاصطناعي لدى «أبل» موجوداً بالهاتف وفي السماعة، وهو أمر لم تقدمه «غوغل» على الإطلاق.

تويتر