اعتمدت على تحليل النمط الأدبي لـ 1000 جملة الأولى من كل كتاب

دراسة تحلل الروايات لاستخلاص أسلوب الكتابة المميز للأعمال الناجحة

صورة

كثيراً ما يواجه الناشرون ونقاد الأدب مشكلة في محاولتهم اكتشاف الكتاب الناجح، واختيار الكتب الملائمة للنشر.

وحاولت دراسة جديدة لباحثين في علوم الحاسب استخدام طريقة علمية لتحديد أساليب الكتابة التي تُميز الروايات الأدبية الناجحة من غيرها، مع الخلاف بين الناشرين والمؤلفين على دور مثل هذه التجربة في التنبؤ بنجاح الكتب قبل نشرها، أو تأثيرها في إبداع الكُتّاب.

وتضمنت الدراسة، التي شاركت فيها الأستاذة المساعدة في قسم علوم الحاسب بجامعة «ستوني بروك» الأميركية، يجين تشوي، مع اثنين من الباحثين، تحليل 800 رواية متوافرة للتحميل المجاني عبر موقع «مشروع غوتنبرغ» على الإنترنت، الذي يُعد المكتبة الإلكترونية الأقدم، ببدايته عام 1971، لغرض تخزين ونشر الأعمال الثقافية بصورة رقمية، ويتضمن حالياً 42 ألف كتاب.

وشملت الروايات ثمانية أصناف، هي: المغامرات، الخيال، الغموض، الخيال العلمي، قصص الحب، القصص القصيرة، الخيال التاريخي والشعر، وتمكن التحليل من التنبؤ بنجاح الرواية بنسبة دقة قاربت 84%، واعتمدت الدراسة على تحليل النمط الأدبي لـ1000 جملة الأولى من كل رواية بواسطة تقنيات «معالجة اللغات الطبيعية»، ورسم خرائط لقياس النجاح استناداً إلى عدد مرات تحميل كل رواية.

وتوصل فريق البحث إلى التعرف إلى العناصر الأسلوبية الأكثر بروزاً في الكتابات الناجحة، كما عرض خوارزمية يمكنها التمييز بصورة صحيحة بين الأدب الناجح للغاية ونظيره الأقل نجاحاً.

وبحسب الباحثين، فإن من بين العناصر المُميزة للكتب الأقل نجاحاً تضمنها نسبة أعلى من الأفعال والأحوال والكلمات بلغة أجنبية، واعتمادها على التعبيرات المأثورة الجاهزة الأقرب لما يعرف باسم «كليشيه»، كما اعتمدت تلك الكتب على الأفعال التي تصف بصراحة التصرفات والعواطف مثل «أراد»، و«وعد»، و«بكى»، و«هلل» ونحو ذلك.

في مقابل ذلك، تفضل الروايات الناجحة الأفعال المستخدمة للقول والاقتباس مثل «قال»، إلى جانب الإكثار من أدوات وصل الخطاب، مثل: «و»، و«لكن»، و«أو»، وأيضاً الصفات، وحروف الجر، والأسماء، والضمائر، والمحددات التي تسبق الاسم.

وإلى جانب روايات من «مشروع غوتنبرغ»، شمل التحليل بعض الكتب الأخرى مثل «الرمز المفقود» لدان براون، و«العجوز والبحر» لأرنست همنغواي، و«قصة مدينتين» لتشارلز ديكنز، وفي بعض الكتب لجأ فريق البحث إلى دراسة مبيعاتها في موقع «أمازون» وحصول مؤلفيها على جوائز أدبية، مثل «بولتيرز» و«نوبل»، ورصد الباحثون صحة تنبؤ الخوارزمية بنجاح كتاب في سبعة من كل 10 عناوين.

واعتبرت تشوي الدراسة، التي جاءت بعنوان «النجاح مع الأسلوب: استخدام أسلوب الكتابة للتنبؤ بنجاح الروايات»، العمل الأول الذي يوفر رؤى كمية على العلاقة بين أسلوب الكتابة ونجاح الأعمال الأدبية، ففي حين حاولت الأعمال السابقة التوصل إلى «الوصفة السرية» للكتب الناجحة، كان أغلبها نوعياً واقتصر على بعض الكتب، وركز على المحتوى الرفيع كشخصيات الأبطال وخصومهم والمؤامرات، بعكس الدراسة الجديدة التي شملت بالتحليل مجموعة أكبر بكثير من الكتب، ودرست الأنماط المعجمية والنحوية والمحادثات التي تميز أساليب الكتابة الشائعة في الأدب الناجح، بحسب تشوي.

ومن بين ما توصلت إليه الدراسة، عدم التلازم بين معدلات الإقبال على قراءة عمل أدبي وفوزه بجوائز أدبية في اتجاه عكسي، فالعديد من الكتب التي نالت جوائز لم يُقبل عليها القرّاء بدرجة كبيرة.

وفي ما يتعلق بتأثير هذه الخوارزمية الحاسوبية ومثلها على اختيار الكُتاب أساليبهم، لا تبدو تشوي واثقة بتغيير الكتاب أساليبهم وفقاً للخوارزمية، مشيرة إلى أنه على الرغم من توصل الدراسة إلى «أدلة إحصائية مفيدة» تتيح للحواسيب التعرف إلى الكتابات الناجحة، فقد يستفيد الناشرون منها أكثر من غيرهم في فرز الكتب التي تصلهم في المرحلة الأولى.

واستطردت: «أتوقع حدوث هذا الأمر، خصوصاً مع وفرة الكتب المنشورة والمخطوطات غير المنشورة التي يحصلون عليها، إذ يمكن تطوير نماذج إحصائية جيدة حقاً أفضل مما لدينا حالياً في الدراسة، مع إمكانية الوصول إلى البيانات على نطاقٍ واسع، فهي المفتاح لزيادة جودة التنبؤ لدى النماذج الإحصائية».

ومن ناحية الناشرين، اختلفت آراؤهم في تقبل طرق مثل هذه الخوارزمية لاستكشاف إمكانية تحقيق الكتب نجاحاً مبكراً، فأشار الناشر من دار «أركاديا»، غاري بولسفير، إلى اهتمامه بإمكاناتها، وقال: «أحب أن استخدمها، ويمكنني لمس فاعليتها عندما ننظر إلى الكتب بلغاتها الأصلية من جميع أنحاء العالم».

وفي رأي مختلف، تعتقد المحررة في «فابر آند فابر»، سارة سافيت، أن «الدراسة تبدو تجربة أكاديمية رائعة، لكنها ترى اختيار الكتب المناسبة للنشر عملية شخصية، ولا يمكنها تخيل تطبيق مثل هذه الخوارزمية على قراءاتها، حتى وإن ساعدها ذلك على الحصول على مزيد من وقت الفراغ».

كما اختلف موقف المؤلفين، وبدا الرفض واضحاً تجاه إمكانية تطبيق خوارزمية الدراسة أو غيرها على كتاباتهم لزيادة فرصها في النجاح، وقالت الروائية البريطانية، كيتي فورد، إنها «لا تعتقد بوجود مغزى للتركيز على المبيعات إذا ما رغب المرء حقاً أن يكون كاتباً»، مضيفة: «إنها دائماً فكرة جيدة أن تفكر في جمهورك، لكن يبدو تغيير أسلوبك على أمل أن يُحسن ذلك المبيعات عملاً أحمق».

وذكرت فورد، التي تتضمن مؤلفاتها أحد الكتب الرومانسية المُصنفة ضمن الأفضل مبيعاً: «من المهم مراعاة الاتجاهات في الذهن، لكن ليس لحد المُضي ضد ما تشعر بأنه صواب لك على نحو غريزي»، مشيرة إلى أنه «على سبيل المثال، في حال كان الاتجاه السائد والناجح هو الكتب الحزينة، سواء على مستوى الكتب أو مبيعاتها، فإنني لن أتبع اتجاهاً كهذا، لأنني أكره قضاء عام في مكانٍ حزين».

طباعة