ارتفاع مستوى معرفة المتصفحين بالتقنية يجعلهم أكثر ميلاً إلى تثبيـت إضـافـات «الحجب»

حجب الإعلانات يُهدد المــواقع المجانية

«بيج فير» دعت ناشري المواقع إلى إعادة النظر في طريقة تقديم الإعلانات. أرشيفية

كثيراً ما يضيق مستخدمو الإنترنت بكثرة الإعلانات التي تفسد تجربة تصفحهم، بألوانها المزعجة، أو بالنوافذ المنبثقة، ولذلك، يلجأ البعض إلى إضافات حجب الإعلانات، سواءً في متصفحات أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو الهواتف.

وتمنع هذه الإضافات ظهور معظم أشكال الإعلانات النصية، والمصورة، ومقاطع الفيديو الإعلانية. وفي المقابل يتخوف أصحاب المواقع من تنامي استخدامها، بسبب اعتماد معظم مواقع الإنترنت سواءً الصغيرة، أو التابعة لشركات كبرى على الإعلانات، مصدراً رئيساً للربح.

ورصد تقرير حديث لشركة «بيج فير» المتخصصة في قياس استخدام أدوات حجب الإعلانات لمصلحة المواقع، زيادة كبيرة في استخدام إضافات حظر الإعلانات، إذ إن نحو ربع متصفحات الإنترنت يعتمد إحدى إضافات الحجب، ويتزايد إقبال المستخدمين عليها، هرباً من تطفل الإعلانات المزعجة التي تُشتت انتباههم، ما يهدد استمرار المواقع التي تتيح محتواها دون مقابل.

ويُشبه الرئيس التنفيذي للشركة التي تتخذ من العاصمة الايرلندية، دبلن، مقراً لها، نيل أوكونور، العلاقة بين إعلانات الإنترنت وأدوات حجبها بالحلقة المفرغة، ويضيف أنه مع تحول الإعلانات لتصبح أكثر وضوحاً بهدف جذب أنظار المستخدمين، يزداد ضيقهم بها، ويتجهون إلى تثبيت إضافات حجب الإعلانات.

ومع تفهم حق المستخدمين، فإن انتشار هذه الإضافات قد يدفع بعض ناشري المواقع إلى التوقف، إذ تعتمد أغلبيتهم على الإعلانات، ومن دونها ربما يلجأون إلى فرض رسوم، أو اشتراكات للاطلاع على بعض محتوى الموقع، على غرار بعض الصحف مثل «ذا وول ستريت جورنال» و«نيويورك تايمز».

واعتمد تقرير «بيج فير» على دراسة بيانات 220 موقعاً طوال الأشهر الـ 11 الماضية بدايةً من سبتمبر من عام 2012. وأظهرت النتائج أن 22.7% من المستخدمين الذين تصفحوا هذه المواقع يستخدمون أدوات لحجب الإعلانات، إلا أنه يتفاوت نصيب كل موقع بين 1.5% في بعضها، إلى 65% في بعض المواقع.

واعتبر أوكونور أن النتائج مفاجئة، قائلاً: «بدأنا هذا الأمر لأننا كنا من الناشرين في مجال الألعاب، وأردنا التعرف إلى عدد زوار موقعنا الذين يستخدمون أدوات حجب الإعلانات، واعتقدنا أن النسبة ربما تصل إلى 10%، إلا أنه توصلنا إلى أن 30% من المستخدمين يحجبون الإعلانات، وقد مثل هذا صدمةً بالنسبة لنا».

ويعتمد التفاوت بين المواقع من حيث عدد مستخدمي إضافات حجب الإعلانات على طبيعة جمهور الموقع، فكلما ارتفع مستوى معرفتهم التقنية كلما كانوا أكثر ميلاً لتثبيت هذه الإضافات، ولذلك جاءت مواقع الألعاب والتقنية على رأس الفئات التي يستخدم زوارها هذه الإضافات بنسبة 30 و25% على الترتيب، بينما تقترب النسبة في المواقع الإخبارية من 16%، وتصل إلى أدنى مستوياتها في مواقع الخدمات المالية والسفر بنسبة 8 و5% على الترتيب.

وأشار أوكونور إلى ارتباط مستوى الإقبال على حجب الإعلانات بمستوى الخبرة التقنية للمستخدم، ويرجع ذلك لاعتماد الحجب على إضافات لم يعتد عليها العديد من المستخدمين، فضلاً عن أن يعلموا بوجودها.

وتتوافر إضافات حجب الإعلانات لمختلف متصفحات الإنترنت، ومنها «ديسكونكت»، و«أبين»، ومن أكثرها شعبية «أد بلوك بلس» المتوافرة لمتصفحات «غوغل كروم»، و«سفاري»، و«فاير فوكس»، و«أوبرا»، و«إنترنت إكسبلورر»، إضافة إلى نظام تشغيل «أندرويد».

وفي ما يتعلق بالاختلافات بين مستخدمي متصفحات الإنترنت، أشار تقرير «بيج فير» إلى أن مستخدمي «فايرفوكس» يأتون في المرتبة الأولى في استخدام إضافات حجب الإعلانات بنسبة 37%، ومن المحتمل أن السبب في ذلك، شهرة المتصفح منذ بدايته بنظامه المعتمد على الإضافات.

وحل مستخدمو «غوغل كروم» في المرتبة الثانية بنسبة 30%، بينما بلغت نسبة مستخدمي «سفاري» 8%، وجاء «إنترنت إكسبلورر» في المرتبة الأخيرة بنسبة تقل عن 1%، وربما يرجع ذلك لخاصية «عدم التتبع» التي تعمل تلقائياً، وتمنع مواقع الإنترنت من جمع معلومات عن اهتمامات المستخدم وتوجيه الإعلانات وفقاً لها.

وعلى الرغم من اختلاف نسبة المتصفحات التي تُثبت إضافات حجب الإعلانات عما توصل له تقرير سابق صدر في عام 2012 عن شركة «كلريتي راي»، وقدرها بنسبة 9.3%، إلا أن كلا التقريرين اتفقا في بعض الجوانب، منها ميل زوار المواقع التقنية لاستخدامها، وكذلك ارتفاع نسبة الاعتماد عليها بين مستخدمي «فايرفوكس» أكثر من المتصفحات الأخرى.

وحذر تقرير «بيج فير» من معدل الزيادة الكبير في اللجوء إلى إضافات حجب الإعلانات، مقدراً ــ بالاعتماد على بيانات 38 موقعاً ــ أن معدل النمو السنوي يصل إلى 43%، ما يعني أن الموقع الذي يستخدم حالياً 10% من زواره إضافات لحجب الإعلانات، يُتوقع أن تصل النسبة إلى 14.3% في العام المُقبل، وعلى الرغم من أن هذا المعدل لا ينطبق على جميع المواقع، إلا أنه يشير إلى مقدار الزيادة العام.

وتوقع التقرير أنه في حال استمرت نسبة النمو على هذا النحو، أن يستخدم 100% من مستخدمي الإنترنت إضافات حجب الإعلانات في غضون خمس سنوات، وأشار إلى أن مقدار الخسارة السنوي حالياً لموقع يعتمد 25% من زواره إضافات حجب الإعلانات يصل إلى 500 ألف دولار سنوياً.

ورصد التقرير تضاعف الاهتمام بالبحث عن عبارة «حجب الإعلانات» باللغة الإنجليزية في الفترة بين يوليو 2012 إلى يوليو 2013 بحسب بيانات «غوغل ترندز»، كما لفت إلى زيادة تحميل إضافة «أد بلوك بلس» لمتصفح «فايرفوكس» فقط بمعدل 35% كل عام.

وفي مواجهة عواقب إقبال المستخدمين على إضافات حجب الإعلانات على عائدات ومستقبل بعض المواقع، تلجأ بعضها إلى تذكير المستخدمين بأهمية الإعلانات للإبقاء على عمل الموقع، إلا أن هذه الجهود لم تُحقق المرجو منها.

وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة «بيج فير»، نيل أونوكور، ظهر كما لو كان الناس لا يهتمون، وحتى بالنسبة للزوار الدائمين لموقع ما، قال إن «نسبة تراوح بين 3 و4% فقط من الزوار، يمكن أن تستجيب وتستثني الموقع من إضافات حجب الإعلانات».

ويرى أوكونور أنه ينبغي لناشري المواقع إعادة النظر في الطريقة التي يقدمون بها الإعلانات، وبدلاً من مطاردة المستخدمين للنقر على أحدها بالصور والألوان المزعجة، فإنه يلزمهم البحث عن طريقة لجذبهم إلى الإعلانات.

وأضاف أن «من بين الحلول الممكنة التخلص من الإعلانات المزعجة والمتطفلة، خصوصاً تلك التي تستخدم الأصوات والرسوم المتحركة وتُشتت انتباه المستخدمين، في مقابل زيادة اعتماد المواقع على الإعلانات النصية».

وكأسلوب مختلف في التعامل مع إضافات حجب الإعلانات، اتجهت بعض الشركات للخضوع لها، فتحدثت تقارير نُشرت قبل نحو شهرين عن دفع «غوغل» وغيرها أموالاً لمطوري «أد بلوك بلس» لإدراج إعلاناتها في «القائمة البيضاء» التي تتضمن إعلانات يُسمح لها بالظهور لمستخدمي الإضافة، وتسمح «أد بلوك بلس» بالفعل بتلقي أموال من كبار المعلنين لضم إعلاناتهم إلى القائمة البيضاء، إلا أنها نفت هذه المزاعم.

ويقترح أوكونور بدلاً من ذلك، اعتماد مواقع الإنترنت لأشكال من الإعلانات تحظى بقبول المستخدمين، ولا تضطرهم إلى استخدام إضافات حظر الإعلانات، وتُطور «بيج فير» حالياً منصة لمساعدة الناشرين من خلال إتاحة نوعين من الإعلانات، أحدها «واضح» والآخر «صديق» لإضافات الحجب، ويُطلب من المستخدم الاشتراك في أحدها.

وفي الوقت نفسه أكد أوكونور، خطورة المشكلة على المدى القصير بالنسبة للمواقع الصغيرة، واستشهد بمواقع الألعاب قائلاً: «بالنسبة لهم، فليس لديهم الوقت لانتظار تكيف الإعلانات على شبكة الإنترنت».



 
 

تويتر