الإعلانات شريان الحياة للشبكة.. وعمالقة التقنية يبحثون عن بديل لـ «البيانات»

المعركة من أجل الخصوصية الرقمية تُعيد تشكيل الإنترنت

«أبل» و«غوغل» بدأتا تجديد الأنظمة والقوانين المتعلقة بجمع البيانات. غيتي

طرحت «شركة أبل الأميركية» نافذة من أجل هواتف «آي فون» المحمولة، في أبريل 2021، والتي تطلب «إذن» المتعاملين كي يتم متابعتهم من قبل تطبيقات مختلفة، في وقت حدّدت فيه «شركة غوغل الأميركية» الشهر الماضي، خططاً لتعطيل تقنية المتابعة في متصفح الويب الخاص بها. في ما قالت مواطنتها «فيس بوك» أغسطس الماضي إن المئات من مهندسيها كانوا يعملون على طريقة جديدة تظهر الإعلانات، دون الاعتماد على المعلومات الشخصية للمتعاملين.

يبدو هذا التطوير «ترقيعاً» تقنياً، بيد أنه مرتبط بشيء أكبر من ذلك: إنها معركة تزداد شدة حول مستقبل الإنترنت.

الإنترنت والإعلانات

لقد أدى هذا الصراع إلى إرباك عمالقة التقنيات، وقلب «شارع ماديسون أفينيو» حيث تقنيات الاتصالات المتطورة ومركز الإعلان، وعطل الشركات الصغيرة. وهو يبشر بتغير عميق في كيفية استخدام المعلومات الشخصية على الإنترنت، مع تداعيات كاسحة على الطرق التي تجني من خلالها الشركات، الأموال رقمياً. وفي قلب هذا الصراع، يكمن ما يعرف بأنه شريان الحياة بالنسبة للإنترنت وهو: الإعلانات.

ومنذ نحو عقدين من الزمن، أحدثت الإنترنت ثورة في صناعة الإعلان، وسلبت الصحف والمجلات من عمودها الفقري الذي كانت تقوم عليه وهو الإعلانات المبوبة والمطبوعة، كما هدّدت بالإطاحة بمحطات التلفزة عن عرش عرض الإعلانات باعتبارها الوسيلة المثلى للمسوقين للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس. بدورها، أصبحت العلامات التجارية تنشر إعلاناتها عبر مواقع الإنترنت، وغالباً ما كانت عروضها الترويجية مصممة لتناسب أشخاص محددين. وقد أدت هذه الإعلانات الرقمية إلى تعزيز ونمو شركات عملاقة مثل «فيس بوك» و«غوغل»، و«تويتر»، والتي تقدم خدمات شبكتها البحثية والاجتماعية للجمهور مجاناً.

وفي المقابل، كان يجري متابعة هذا الجمهور من موقع إلى آخر عن طريق تقنيات مثل «كوكي»، وجرى استخدام المعلومات الشخصية لهذا الجمهور لأغراض التسويق وتقديم ما يلائمه من إعلانات.

تفكيك النظام

ولكن هذا النظام الذي تضخم الآن وتحوّل إلى صناعة رقمية بقيمة تبلغ نحو 350 مليار دولار، يجري تفكيكه حالياً.

وبدافع المخاوف على الخصوصية على الشبكة، بدأت «أبل» و«غوغل» تجديد الأنظمة والقوانين المتعلقة بجمع البيانات. وطرحت «أبل»، مستشهدة بفكرة الخصوصية، أدوات تمنع المعلنين من متابعة الجمهور، في ما تحاول «غوغل» التي تعتمد على الإعلانات الرقمية، الحفاظ على الأمرين، أي تجديد النظام، وإمكانية مواصلة توجيه الإعلانات إلى الجمهور دون استغلال الدخول إلى معلوماتهم الشخصية.

بديل المعلومات

وإذا لم تعد المعلومات الشخصية هي العملة التي يقدمها الجمهور مقابل الحصول على محتويات الإنترنت وخدماتها، فإنه يجب أن يحل مكانها شيء آخر، إذ يعمل ناشرو الإعلام وصانعو التطبيقات الرقمية، وأصحاب المتاجر الرقمية حالياً على استكشاف بدائل مختلفة من أجل البقاء، وللحفاظ على الخصوصية في الإنترنت.

ويتم ذلك في بعض الحالات عن طريق قلب نمط الأعمال التي يقومون بها، إذ يختار البعض، جعل المتعاملين في الشبكة يدفعون مقابل الحصول على الخدمة على الإنترنت، عن طريق دفع رسوم اشتراك، ورسوم أخرى، بدلاً من استخدام معلوماتهم الشخصية.

دفع المال للمنصات التقنية الضخمة

قد تضر تداعيات الأنظمة الجديدة المتعلقة بالخصوصية، العلامات التجارية التي تعتمد على الإعلانات التي تستهدف الأشخاص الذين يشترونها. كما يمكن أن تضر «فيس بوك» أيضاً، ولكن ليس لفترة طويلة.

وستضطر الشركات التي توقفت عن متابعة الجمهور، ولكنها بحاجة إلى نشر الإعلانات، إلى دفع المال للمنصات التقنية الضخمة التي لاتزال لديها معظم المعلومات عن المستهلكين.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «تريد ديسك» في كاليفورنيا، جيف غرين، الذي يتعامل مع شركات إعلام كبرى: «كان الصراع وراء الكواليس أساسياً بالنسبة لطبيعة العمل على الإنترنت».

وأضاف: «الإنترنت تجيب عن سؤال لطالما يتم تداوله عبر عقود، مفاده كيف يمكن للإنترنت أن تدفع لنفسها؟».

الإعلانات الرقمية أدت إلى تعزيز ونمو شركات عملاقة مثل «فيس بوك» و«غوغل» و«تويتر».

تويتر