طوّرها باحثون بالطب الشرعي الرقمي للمساعدة في كشف الجرائم

أدوات لاستعادة بيانات الهواتف المحروقة والمهشمة والغارقة

الباحثون أكدوا ازدياد دور الحاسبات والهواتف المحمولة وأجهزة تحديد المواقع في النشاط الإجرامي. أرشيفية

أعلن فريق من الباحثين أنه طور أدوات جديدة يمكنها الوصول إلى بيانات الهواتف المحروقة والمهشمة والغارقة في الماء، واستعادتها مرة أخرى بنسبة نجاح عالية تقترب من حد الاستعادة الكاملة لهذه المحتويات دون نقص، موضحاً أن البيانات المستردة تشمل سجل المكالمات وبيانات تصفح الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الصور والفيديوهات وبيانات «جي بي إس».

وحقق هذا الإنجاز فريق مشترك من الباحثين المتخصصين في الطب الشرعي الرقمي، من وزارة الأمن الداخلي الأميركية والمعهد الأميركي للقياس والمعايرة، وذلك في إطار دراسة نشرت على موقع الطب الشرعي الرقمي التابع لوزارة الأمن الداخلي الأميركية، واستهدفت تقديم الدعم والأدوات التي تساعد المحققين الجنائيين، وجهات إنفاذ القانون بالوصول إلى البيانات والمعلومات التي يمكن استخدامها كأدلة تكشف ملابسات الجرائم المختلفة، في مراحل التحقيق والتقاضي المختلفة.

أدلة جنائية رقمية

واستهل الباحثون شرحهم لهذا التطور البارز في مجال الطب الشرعي الرقمي، بالتأكيد على ازدياد دور أجهزة الحاسبات وأجهزة الوسائط المحمولة، مثل الهواتف المحمولة وأجهزة تحديد المواقع في النشاط الإجرامي في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة، لأن التطورات التكنولوجية الجديدة في مجال الأجهزة والبرامج تحدث بوتيرة سريعة للغاية، وتستخدم في النشاط الإجرامي على الفور تقريباً، ومن ثم باتت هذه الأجهزة تحتوي في كثير من الأحيان على أدلة حيوية، كمعلومات المستخدم وسجلات المكالمات ومعلومات الموقع والرسائل النصية، ورسائل البريد الإلكتروني والصور، وتسجيلات الصوت والفيديو، وبياناته على شبكات التواصل الاجتماعي.

فحص دقيق

وأشار الباحثون إلى أن المجرمين أصبحوا يعرفون أن هواتفهم المحمولة باتت من الأشياء التي تخضع للفحص الجنائي الدقيق خلال التحقيقات، باعتبارها من العناصر المهمة في مسرح الجريمة، أياً كان وقتها أو مكانها أو طبيعتها، لذلك يسارعون بالتخلص منها بالتحطيم والحرق والإغراق في الماء، وغيرها من سبل الإتلاف، لقطع الطريق على جهات إنفاذ القانون وخبراء الطب الشرعي الرقمي من الوصول إلى ما تحتويه من بيانات ذات علاقة بالجريمة، وهو أمر يعرقل تطبيق القانون.

أسلوبان جديدان

وكشف خبير الطب الشرعي الرقمي في المعهد القومي الأميركي للمعايرة والقياس، الدكتور ريك أيرز، الذي قاد الدراسة، أن فريقه توصل إلى أسلوبين جديدين في الطب الشرعي الرقمي، يمكن استخدامهما للدخول إلى الهواتف التالفة، لمعرفة ما إذا كان يمكن استرداد البيانات، الأول أسلوب يعرف باسم «جي تاج»، والثاني «شريحة إيقاف التشغيل»، وكلاهما يسمح بالوصول إلى البيانات الموجودة على «المحمول» على مستوى «بايت وراء بايت»، (البايت هو أصغر وحدة بيانات مستخدمة في مجال تقنية المعلومات وتخزينها ومعالجتها).

منافذ بالغة الدقة

من جهتها، أوضحت أستاذة الحاسبات في المعهد عضو الفريق البحثي، الدكتورة جينيس رييس رودريغيز، أن هذين الأسلوبين يعملان على مستوى المنافذ البالغة الدقة الموجودة في الشرائح الإلكترونية للهواتف المحمولة، التي تستخدم عادة من قبل الشركات المصنعة لاختبار لوحات الدوائر الخاصة بهم، عن طريق لحام الأسلاك على المنافذ.

وأضافت أنه لاستخدام هذه الأساليب الجديدة في استعادة البيانات، يتم فصل الهاتف للوصول إلى لوحة الدوائر المطبوعة للهاتف المعروفة باسم «بي سي بي»، التي يتم لحام أسلاكها بعناية فائقة، لكونها أسلاك في سُمك شعرة الرأس أو أقل، وتزدحم بها مسامير دقيقة لتثبيتها، مشيرة إلى أن التعامل مع هذه المكونات الفائقة الصغر على الهاتف، يحتاج إلى صبر طويل جداً وعيون حادة، وأيدٍ ثابتة لا تهتز من قبل الخبير الذي يقوم بعملة الفحص والاستعادة.

وبينت رودريغيز أنه في هذه العملية يتم سحب رقائق الكلور من ثنائي الفينيل متعدد الكلور، بلطف وصبر وحذر شديد، حتى لا يتم إتلاف المسامير الصغيرة، ومن ثم يصبح من المستحيل الحصول على البيانات، وعند تحرير الرقاقة الفائقة الدقة وعالية الحساسية من اللحامات والمسامير، يتم سحبها ثم وضعها على قارئ خاص، لتتم استعادة ما بها من بيانات.

الطب الشرعي الرقمي

قال خبير الطب الشرعي الرقمي في المعهد القومي الأميركي للمعايرة والقياس، الدكتور ريك أيرز، إن ما تم التوصل إليه يعد استكمالاً لرحلة بحث وجهد طويلة بدأت عام 2003، حينما جرت محاولات لاستخلاص البيانات من أجهزة المساعدات الشخصية الرقمية التي ظهرت في ذلك الوقت، وكانت تستخدم في مجالات الطيران وغيرها، وكذلك الأجيال المبكرة من الهواتف المحمولة، وكانت جميعها محدودة القدرات.

وأضاف أن هذا الوضع تغير الآن، حيث أصبحت القدرات التي تتمتع بها الهواتف مفيدة للتحقيقات الجنائية، معتبراً أن الأهم من ذلك أن التطبيقات ومقاطع الفيديو وتصفح الإنترنت التي نقوم بها، تأتي مصحوبة ببيانات وصفية يمكن استخراجها بأساليب الطب الشرعي الرقمي الحديث.

• البيانات المستردّة تشمل سجل المكالمات وشبكات «التواصل» والصور والفيديوهات.

تويتر