مكونها الأساسي «الواقع المعزز» والهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء

«الحوسبة المكانية».. توجه جديد يجعل الفراغ جزءاً من التفاعل مع التقنية

النوع الجديد من الحوسبة سيعمل بأجهزة فائقة الخفة والنحافة وبشاشات بعدها الثالث الفراغ. من المصدر

كشف الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «ذايبر» المتخصصة في حلول الواقع المختلط أو المدمج، كاسبر ذايكر، عن موجة ثورية جديدة في عالم التقنية، تعرف باسم «الحوسبة المكانية»، أو الأجهزة والبرامج والتطبيقات والأدوات التي تستخدم الفضاء أو البيئة المحيطة من حولنا عند استخدامها، ليصبح جزءاً أساسياً في التفاعل معها.

وأوضح ذايكر في حوار مع شبكة «زد دي نت» المتخصصة في التقنية، أن هذا النوع الجديد من الحوسبة يستخدم مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار والكاميرات، لبناء فهم سليم لكل من بيئتها ومستخدمها معاً، حيث تمزج بسلاسة بين العالم الرقمي الذي تقدمه من داخلها، والعالم الواقعي المحيط بها من خارجها.

وأضاف أن «الحوسبة المكانية» ستغير طبيعة الحاسبات والبرامج، لكونها تقوم بجعل الفراغ من حولنا جزءاً من تفاعلنا مع التقنية، وستعمل بأجهزة فائقة الخفة والنحافة، وبشاشات بعدها الثالث هو الفراغ، ومكونها الأساسي «الواقع المعزز»، ومتصفحات «ويبار» او «ويب إيه آر» والأجهزة المحمولة، لاسيما الهواتف الذكية، إضافة إلى الأجهزة القابلة للارتداء.

انتشار

وأفاد ذايكر بأن «الحوسبة المكانية» ستزدهر وتواصل الانتشار خلال العقد الجديد 2020ـ 2030، وقال: «لن يمضي وقت طويل حتى تهيمن تقنية (الواقع المعزز) على العالم، لأنها ستستوطن الأجهزة المحمولة التي نعتمد عليها بالفعل، وتقوم بتحويل العالم الواقعي من حولك إلى تجربة قابلة للتعامل معها، وسياق قابل للبحث فيه، بالضغط على مفاتيح هاتفك أو جهازك المحمول».

وبين أنه مثلاً سيكون بإمكانك توجيه كاميرا هاتفك إلى أي كائن من حولك، كشخص أو نبات أو حيوان أو معلم سياحي، لتسحب البيانات ذات الصلة به، ثم تقوم بالتواصل معه، لافتاً إلى أن «هذا يبدو احتمالاً مخيفاً، لكن علينا أن نعرف أنه أمر لايزال في بدايته، غير أنه سيتحول خلال العقد المقبل إلى مشهد، يلمسه المتسوقون، وتقوده العلامات التجارية الكبرى».

3 تقنيات

وذكر ذايكر أن تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط تعتبر المحور الرئيس الذي تقوم عليه «الحوسبة المكانية»، موضحاً أنه عند الحديث عن هذه تلك التقنيات الثلاث، يكون الأمر منصباً على نوع التفاعل الذي نتعامل معه، وليس الكائن أو الشيء الذي نتفاعل معه، ونقطة التفاعل هي بالتحديد السبب في أن «الحوسبة المكانية» تعتبر عامل تغيير حقيقي في طريقة التعامل مع أجهزة التقنية وبرامجها وتطبيقاتها ونظمها.

وأضاف أن الحوسبة المكانية تجعل الأجهزة تختفي، ليس مادياً، بل رقمياً، حيث يكون لدينا فقط مخرجات الجهاز وليس أي شيء آخر، فالجهاز يتلاشى للسماح للبرامج والتطبيقات بالاستمرار في التمدد والارتفاع في البعد الثالث، مبيناً أنه على سبيل المثال ستكون شاشة الهاتف المحمول مجرد قاعدة لعرض الأشياء ذات البعد الثالث المتمدد في الفراغ حولها، وهذا بالضبط ما يؤدي إلى تغيير النظام الأساسي للحوسبة، وتغيير جذري في التفاعل بين الإنسان والحاسب وغيره من الأجهزة، الأمر الذي يجعل من المتعين إعادة اختراع واجهات التفاعل وخبرة المستخدم بالكامل من حوله، وذلك من خلال ثلاثة أشياء.

وأوضح أن الشيء الأول يتمثل بإعادة النظر في التفاعلات التي تسيطر عليها العين، أو العلاقة بين ما يعرض على شاشة الجهاز وعين المستخدم، والثاني هو إعادة النظر في إيماءات اليد، أو العلاقة بين اليدين ولوحة المفاتيح و«الماوس»، لتصبح ثلاثية الأبعاد والاتجاهات بصورة كاملة، بينما يركز الثالث على إعادة النظر في الضوابط الصوتية، سواء للتحكم في الصوت الداخل إلى الجهاز أو الصوت الصادر عنه، ولعل هذا المجال هو الأسرع تطوراً، وبات ملموساً بعض الشيء مع ظهور المساعدات الرقمية الصوتية.

التنفيذ العملي

وأكد ذايكر أنه على الرغم من أن «الحوسبة المكانية» لاتزال في المهد، إلا أن هناك الكثير من الشواهد الدالة على بدء اقترابها من التنفيذ العملي، عبر تطبيقات متنوعة في عالم التجارة والأعمال والمال، كما أنها تشق طريقها في مجال آخر هو التدريب والتطوير والتعلم، حيث بدأت تظهر تجارب قائمة على تقنية الواقع المعزز، في مجالات مثل تدريب الموظفين، والتدريب والتطوير المهني، وزيادة الكفاءة، وتحفيز القوى العاملة غير المتصلة، إضافة إلى المساعدة في تقليل النفقات العامة.

مفهوم «الحوسبة المكانية»

للتعريف بمفهوم «الحوسبة المكانية» يمكن القول إن الأجهزة والبرمجيات والأدوات المختلفة التي تقدمها صناعة تقنية المعلومات، ظلت منذ ظهورها وحتى الآن تتفاعل مع مستخدميها عبر شاشة أو أدوات تواصل وتفاعل في علاقة ثنائية محصورة فيما بينهما فقط، مثل اليدين ولوحة المفاتيح، والعينين والشاشة، والسماعات والأذن، حيث بقيت هذه القاعدة ثابتة خلال موجات عديدة متوالية من أشكال الحوسبة، كالحوسبة المكتبية، والحوسبة المحمولة والمتنقلة، وغيرها. لكن خلال العقد الجديد 2020 ـ 2030، سيتغير هذا الوضع، ليدخل بعد جديد في هذه العلاقة، وهو المكان المحيط بكل من الجهاز والمستخدم، ليكون عاملاً فاعلاً في هذه العلاقة، ويحولها إلى علاقة ثلاثية (الجهاز أو البرنامج والتطبيق، ثم المستخدم، ثم المكان)، لتدخل التفاصيل الواقعية الحقيقية للمكان فيما يجري، فتظهر مثلاً أهداف ورسوميات ومعلومات وبيانات مغمورة في البيئة الطبيعية من حول المستخدم والجهاز.

تويتر