تعتمد على ساعتها الذكية في نجاح استراتيجية «الشركة» الجديدة

«أبل» تعتزم بناء نظام صحي رقمي عالمي لمرحلة ما بعد «آي فون»

أنظمة «أبل» وتطبيقاتها المبنية على ساعتها الذكية دخلت إلى المجتمع الطبي تدريجياً. من المصدر

اتضحت خلال العام الجاري بعض ملامح استراتيجية شركة «أبل» بعيدة المدى، القائمة على عدم وجود هاتف «آي فون» كأبرز وأهم مصادر الدخل والتأثير، حيث تدور تلك الملامح حول أن الشركة ترى مستقبلها في تقديم رعاية صحية خارج دور الرعاية الطبية، لكنها ليست خارج نظم الرعاية الصحية القائمة، أو بديلاً لها، بل مكملة لها، وذلك عبر نظام صحي رقمي عالمي، تمتزج فيه تقنيات المعلومات والاتصالات مع الخبرات والمهارات الطبية.

وتتمثل فكرة النظام الجديد في أن تلعب تقنيات وتطبيقات وأجهزة «أبل» دور بوابة الاتصال الأساسية بين أجساد البشر، ونظم العلاج والرعاية الصحية والأطباء المعالجين، وأن تعمل بصورة لحظية وبلا انقطاع، لتقدم بيانات حية دقيقة موثوقاً بها للمجتمع الطبي، وتتلقى منه التعليمات والقرارات العلاجية الواجبة التنفيذ من قبل المرضى.

أكبر مساهمة

جاء ذلك في تحليلين صدرا، أخيراً، عن كل من قسم التقنية لوكالة «بلومبرغ» المتخصصة وشبكة «زد دي نت» المتخصصة في تقنية المعلومات، إذ اتفق محللو الجهتين على أن عام 2019 تجمعت خلاله النتائج الأولية للعديد من المشروعات والمساهمات التي قدمتها «أبل» على مدار السنوات الأربع الماضية في مجال الرعاية الصحية، منذ إعلان الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك في مطلع عام 2016 أن أكبر مساهمة لشركته للبشرية «ستكون في المجال الصحي».

وخلال السنوات التالية وانتهاءً بعام 2019 تبلور التوجه العام المستقبلي لـ«أبل»، الذي تراه البديل بعيد المدى لمرحلة ما بعد هواتف «آي فون»، التي يعرف الجميع أنها في حكم المؤكد ألّا تستمر في مكانتها كمولد رئيس للعائدات والأرباح التي تحققها الشركة.

الاستراتيجية الجديدة

ولخص المحللون استراتيجية «أبل» الجديدة في التحول تدريجياً إلى لاعب مؤثر بالقطاع الصحي، يقدم رعاية طبية خارج المستشفيات تعمل على تخفيض كلفة الرعاية الصحية والطبية للجميع حول العالم، ليكون ذلك هو المساهمة الرئيسة من الشركة في مسيرة البشرية بعد ما قدمته خلال موجة أو عصر «آي فون»، التي سيحل محلها عصر «ساعة أبل الذكية»، التي ستكون فرس الرهان بالاستراتيجية الجديدة والبديل الأكثر أهمية لـ«آي فون»، بما تقدمه أو يرتبط بها من حلول وأنظمة رعاية صحية، والأدوات والاجهزة الأخرى القابلة للارتداء التي ستساعدها في أداء مهامها، بما يجعل «أبل» تمتلك في النهاية نظاماً «إيكولوجياً» كبيراً ومتنوعاً، يحقق عائدات ضخمة مستمرة بعيدة المدى، تعوض وربما تتفوق على عائدات «آي فون».

ووفقاً لـ«أبل»، فإن هذه الاستراتيجية يمكنها إحداث خفض تدريجي في تكاليف الرعاية الصحية عالمياً، ربما يصل إلى 16% خلال السنوات الخمس المقبلة من خلال الاعتماد على الأجهزة والتقنيات الذكية القابلة للارتداء، والقائمة على التعامل طبياً مع المرضى حيث هم في منازلهم ومقار أعمالهم، بعيداً عن المستشفيات على مدار الساعة.

البناء ببطء

ورأى المحللون أن ما حققته «أبل» خلال السنوات الأربع الماضية في مجال الرعاية الصحية تم بأسلوب البناء ببطء، وعبر إنجازات بسيطة تتراكم مع بعضها بعضاً معتمدة نهج التراكم الكمي الذي يتحول إلى تغيير كيفي بعد فترة من الوقت، إذ حرصت «أبل» في ذلك على مراعاة التعقيدات الكبيرة التي تكتنف تطوير التطبيقات والنظم الصحية المعتمدة على التقنية، والناجمة عن الحساسية المفرطة من قبل الجمهور والجهات التنظيمية والقانونية تجاه أي شيء يتعلق بالرعاية الطبية من أدوات توليد البيانات الصحية ونقلها وتخزينها ومعالجتها، وتداولها ثم استخدامها في العلاج، فضلاً عن الحساسية الأكبر تجاه أي أداة أو جهاز أو تطبيق يكون بتماس مباشر مع أجساد البشر، ويلعب دوراً في التشخيص أو العلاج أو الرعاية الطبية بمراحلها المختلفة.

وذكروا أن «أبل» أولت اهتماماً كبيراً لهذه الناحية، وراحت تقدم منتجاتها الطبية التي تمحورت في معظمها حول ساعتها الذكية، وما تحتويه من مستشعرات وحساسات لمراقبة أنظمة الجسم المختلفة، وتوليد البيانات الصحية والطبية منها، وبناء تطبيقات متنوعة عليها، مشيرين إلى أنه خلال السنوات الأربع الماضية، وبهدوء وبصورة تراكمية، دخلت أنظمة «أبل» وتطبيقاتها المبنية على الساعة إلى المجتمع الطبي تدريجياً، لتساعد في استكشاف طبيعة الاستراتيجية بعيدة المدى للشركة في هذا المجال.

حلول مجهولة

قدمت شركة «أبل»، خلال العام الجاري، براءة اختراع جديدة لساعة ذكية يمكنها مراقبة نبضات مرتديها باستمرار، كما أن بإمكانها تحذيرهم من نوبة قلبية وشيكة.

وتحدثت الكثير من المصادر عن إعادة هيكلة للفريق الصحي لـ«أبل» ليضم الباحثين الرئيسين الذين لديهم خلفية في تطبيق تحليلات البيانات الضخمة على الرعاية الصحية، ويرتبط هذا باستثمارات ضخمة من «أبل» في مجال ذكاء الأعمال الآلية، وهو ما دفع المحللين إلى توقع وجود حلول صحية عامة مجهولة الهوية حتى الآن لدى «أبل»، لكنها دقيقة وذكية ومتمحورة حول الأجهزة القابلة للارتداء.

تويتر