تصدرت أجندة «المؤتمر العالمي للمحمول» بمدينة لوس أنجلوس

«التوصيل الذكي» ثورة صناعية جديدة «تخلخل» أوضاع المؤسسات خلال العقد المقبل

«التوصيل الذكي» توفر قدرات غير مسبوقة بـ 8 مجالات أبرزها إنتاج البيانات. من المصدر

يشهد العالم حالياً ثورة صناعية جديدة، هي ثورة «التوصيل الذكي»، التي ربما تتجاوز كل ما ذكر عن الثورة الصناعية الرابعة، لأنها قائمة على مزيج مترابط من نظم «إنترنت الأشياء»، والبيانات الضخمة والجيل الخامس للمحمول والذكاء الاصطناعي. وتشير كل المؤشرات إلى أنها سوف «تخلخل» أوضاع المؤسسات والمجتمعات خلال العقد المقبل.

وهذا ما أكده عدد من خبراء تقنية الاتصالات والمعلومات، خلال مشاركتهم في الجلسات التخصصية لدورة 2019 من «المؤتمر العالمي للمحمول»، الذي عقدت فعالياته أخيراً بمدينة لوس أنجلوس الأميركية، وتابعته «الإمارات اليوم» من خلال البيانات الصادرة عن المؤتمر، وعمليات البث الحي لفعالياته عبر موقعه الرسمي mwclosangeles.com، التي شارك فيها أكثر من 2000 مسؤول من شركات التقنية ومؤسسات البحث والتطوير.

ملامح الثورة

وبدأ الحديث عن ثورة «التوصيل الذكي» منذ الدقائق الأولى للمؤتمر، حيث ألقى كلمة الافتتاح المدير العام لمنظمة «دي إس إم إيه»، ماتس جرانيد، وهي المنظمة لسلسة المؤتمرات التي تحمل اسم «المؤتمر العالمي للمحمول»، ومن أشهرها مؤتمر لشبونة، ومؤتمر شنغهاي، ومؤتمر لوس أنجلوس.

واستهل جرانيد الحديث بقوله: «نحن في ثورة صناعية أخرى اسمها (التوصيل الذكي)». وعرّف «التوصيل الذكي» بأنه التقاء بين أربع تقنيات ثورية، الأولى هي نظم «إنترنت الأشياء» التي نضجت واستقرت في مجالات عدة، وباتت توفر قدرة غير مسبوقة على التقاط وتوليد البيانات من مصادر ومناطق شاسعة متنوعة على مدار الساعة.

والثانية هي تقنية الجيل الخامس للمحمول، الذي بدأ يدخل الخدمة تدريجياً، ويوفر سرعات في نقل البيانات تعادل أكثر من 100 ضعف السرعات المتاحة بالجيل الرابع. والثالثة هي التقنيات المبدعة المخصصة للتعامل مع البيانات الضخمة، متواصلة الإنتاج. والرابعة تقنيات وتطبيقات ونظم الذكاء الاصطناعي وما يرتبط بها من تعلم الآلة والتعلم العميق، والرؤية بالحاسب وغيرها.

نظام متكامل

وهذه التقنيات الأربع تلاحمت معاً، لتمهد الطريق نحو نشأة نظام بيئي متكامل، يدور في دائرة واحدة، دورات متصلة بسرعات هائلة لا تتوقف، وعندما تنتهي، تبدأ من جديد، وفي دورته، يخلخل الأوضاع القائمة من حوله، ويعيد صياغتها، عبر تطبيقات وأدوات ومنتجات، قائمة على شمول وتعدد وتنوع مصادر البيانات، والسرعة الفائقة اللحظية، فور إنتاجها بكميات ضخمة، ثم القدرة على تنظيمها وفهرستها في أوعية تخزين هائلة، ومعالجتها وتحويلها إلى معلومات ومعارف، توظف لحظياً في اتخاذ ما لا حصر له من قرارات تخص الفرد والمؤسسات والدول والمجتمعات.

وبعضها يقوم به المساعدون الشخصيون الرقميون الذين يعملون بالذكاء الاصطناعي، وبعضها تنفذه المركبات ذاتية القيادة، وبعضها يتجسد في نظم صحية تبدأ من ساعة ذكية، تعمل كحارس على صحة مرتديها، حتى تصطدم رأسه بشيء فجأة ويفقد الوعي، فتقوم بمهمة إسعافه، عبر التواصل الذكي مع جهات الرعاية الصحية.

وواصل جرانيد كلمته مسلطاً الضوء على 17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة، مؤكداً أنه بات من المتعين التعامل مع هذه الأهداف من منظور ثورة «التوصيل الذكي» الجديدة، التي ستغير حتماً من أدوات وأساليب تحقيق هذه الأهداف.

في السياق نفسه، قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة «فيرايزون» الأميركية للاتصالات، تامي إروين، إن «أفضل طريقة للتفكير في (التوصيل الذكي) هي اعتباره ثورة تقنية جديدة بالكامل».

قدرات جديدة

وتحدث إروين عن أن الرباعية المكونة للتوصيل الذكي، «إنترنت الأشياء» والبيانات الضخمة والجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، تحمل في طياتها ثماني قدرات، الأولى: هي الارتفاع الضخم في معدل إنتاج البيانات، والثانية: السرعة الخارقة والتواصل بلا انقطاع في توليد البيانات بأحجام كبيرة متدفقة لحظياً، والثالثة: الانخفاض الحاد في معدل «الكُمون داخل شبكات الاتصالات»، حتى بات يقترب من (الصفر).

ويقصد بمعدل (الكُمون) الفترة الزمنية التي تستغرقها شبكة اتصالات أو معلومات لكي تستجيب وترد على المهام المطلوبة منها.

والقدرة الرابعة: هي الزيادة غير المحدودة في السعة التخزينية التي تستوعب وتخزن وتفهرس كميات هادرة من البيانات عبر حلول التخزين السحابي. والقدرة الخامسة: هي السرعة الفائقة في النقل. والقدرة السادسة: هي التوسع السريع في نشر الخدمات على نطاق جماهيري واسع النطاق. والقدرة السابعة: هي الوصول إلى مستويات عالية من الكفاءة في استخدام الطاقة، والحد من استهلاكها. والقدرة الثامنة: هي تحقيق ما يسمى «موثوقية الشبكات»، أو الوصول بها إلى درجات عالية من الاعتمادية والاستقرار في الأداء.

تحديات ضخمة

في المقابل، تحدث رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «جي إس إم ايه أورانج»، ستيفن ريتشارد، عن التحديات الكبيرة التي تنطوي عليها ثورة «التوصيل الذكي»، وحدد ثلاثة تحديات، الأول: هو فقدان الثقة في سلاسل التوريد العالمية، وقدرتهم على التواؤم مع متطلبات التوصيل الذكي.

والثاني: فقدان الثقة بحماية حياتنا الرقمية، نتيجة خوف المستهلكين من استغلال الشركات الكبرى لبياناتهم والتلاعب بها،.

والتحدي الثالث: هو فقدان الثقة بقدرة الأعمال على تحقيق نمو كبير للجميع، ما يهز الثقة بهذه الثورة لدى قطاعات كبيرة.


تحول هائل

تحدث رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «جي إس إم ايه أورانج»، ستيفن ريتشارد، أنه رغم التحديات أمام ثورة «التوصيل الذكي»، إلا أن مستقبلاً أفضل ينتظر التحول الهائل أمامنا، وإذا ما تحققت قيادة مسؤولة لهذه الثورة، فستحدث فرقاً هائلاً في مسيرة الإنسانية.

تويتر