تتضمن بث الكراهية والاستنزاف المادي وخرق الخصوصية

مسح يرصد أسوأ ما قدمته التقنية خلال 10 سنوات

المسح أكد أننا شهدنا طفرة حقيقية في تقنيات انتهاك الخصوصية خلال السنوات الـ10 الماضية. من المصدر

خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين (2010 ـ 2019) لم تكن مسيرة صناعة التقنية في كل الأحوال ناصعة البياض، عظيمة الإيجابيات فيما قدمته للبشرية، بل تضمنت الكثير من الجوانب السيئة التي كان لها تأثيرات ضارة ومدمرة في كثير من الأحيان، كتهيئة المجال لبث الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم صنوف جديدة من الاستنزاف المادي للمستخدمين، وتعاظم حالات هتك الخصوصية، والتسبب في ظاهرة الانتحار أمام كاميرات السيلفي، ومقاطع فيديو اليوتيوب، فضلاً عن تصاعد خطير وغير مسبوق في الهجمات الإلكترونية على البنى التحتية كمرافق الكهرباء والمياه والغاز وغيرها، وفي هجمات التشفير والفدية وخروقات البيانات الضخمة.

جاء ذلك في مسح يجريه محللو موقع «سي نت نيوز» cnet.com، ويحمل اسم «مراجعات العقد الثاني من القرن الـ21»، الذي يوثق الجوانب الايجابية والسلبية لصناعة تقنية المعلومات في هذه الفترة، وتم خلاله حتى الآن توثيق بعض نقاط الجانب المظلم للتقنية خلال هذه الفترة، وكان لها أضرار مباشرة أو غير مباشرة على البشرية، وكان من بينها:

الروبوتات البرمجية

خلال العقد الأخير انتشرت الروبوتات البرمجية على نطاق واسع، واستخدمت بكثافة في الأعمال الدعائية والترويجية حتى أصبحت مصدراً كبيراً للإزعاج وتشتيت الانتباه وتضييع الوقت، سواء عبر البريد الالكتروني، أو المكالمات الصوتية والرسائل النصية عبر الهواتف المحمولة. وتقدر بعض الإحصاءات أن ما يخرج عن الروبوتات البرمجية الدعائية من رسائل ومكالمات يفوق عدد المكالمات والرسائل الفعلية التي ينفذها الناس لتصريف أحوالهم اليومية، ولا يوجد في الأفق علاج لهذه المشكلة على الرغم مما تم إصداره من قوانين وتشريعات وإجراءات فنية مضادة.

عيوب الصناعة

توسعت صناعة التقنية خلال الفترة المذكورة في الاعتماد على بعض التقنيات التي قادت إلى حوادث وأخطار نتيجة الحروق والانفجارات واشتعال النيران في الأجهزة، منها تقنية «الليثيوم أيون»، التي بنيت عليها بطاريات «الليثيوم المؤينة»، التي تسببت في حوادث عدة من هذا النوع، أقلها في الهواتف المحمولة كما حدث في الهاتف «سامسونغ غالاكسي نوت 7»، الذي تم سحبه من الأسواق بعد انفجارات متتالية في بطاريته، واشتعال النيران فيها، وكذلك في ظاهرة السجائر الالكترونية، التي انتهت بحوادث ومخاطر صحية كبيرة، وبعض التقنيات الجديدة في مجال الألواح الشمسية.

الملاحة الآلية

وتضمنت بعض أنظمة الملاحة الآلية عيوباً وأخطاء، أودت بحياة ما لا يقل عن 400 شخص خلال هذه الفترة، وكان أبرزها عيوب أنظمة الملاحة الآلية في الطائرات من نوع «بوينغ 737 ماكس» الجديدة، والتي تتضمن جزءاً مسؤولاً عن دفع المقدمة المدببة للطائرة «أنف الطائرة» لأسفل في ظروف طيران معينة، عند تلقيها بيانات من أجهزة استشعار خاصة بذلك،لكن تبين أن هذه النظم تتلقى البيانات بصورة خاطئة، ما تسبب في سقوط طائرتين من هذا النوع خلال خمسة أشهر فقط، وأدى لإيقاف تشغيل هذه الأنظمة الملاحية والطائرات العاملة بها لحين كشف العيب. وحدث شيء مماثل لكن على نطاق أقل كثيراً مع نظم الملاحة والقيادة الذاتية للمركبات الأرضية، والتي تبين أنها في بعض الحالات لا تعمل جيداً، وأودت بحياة بعض السائقين والمشاة.

الانتحار أمام الكاميرات

وخلال العقد الأخير لعبت مقاطع الفيديو التي تبث عبر «يوتيوب» بصورة مسجلة أو حية، وكذلك كاميرات الهواتف المحمولة الأمامية المخصصة لالتقاط صور «السيلفي»، دوراً كبيراً في بروز وانتشار ظاهرة «الانتحار أمام الكاميرات»، وممارسة نوع من العنف أو حتى القتل أمام الكاميرات، بدافع تحقيق الرضا الفردي. وبلغت حصيلة هذا النوع من السلوك أكثر من 300 حالة انتحار، فضلاً عن حوادث عنف وقتل لكائنات وحيوانات، وتدمير للبيئة، وتحطيم للآثار، وتدمير للفن، وذلك منذ ظهور كاميرات الصور الشخصية للهواتف الذكية بصورة لافتة عام 2010.

الاستنزاف المادي

وشهدت الساحة ظهور ممارسات من قبل بعض شركات التقنية والاتصالات تستهدف استنزاف المستخدمين مادياً، من بينها استخدام تقنيات «خنق خطوط المشتركين» في أوقات معينة، أو بحسب ما تحدده هذه الشركات.

وشملت أوجه الاستنزاف بعض نماذج العمل الجديدة في مجال بث المحتوي المدفوع مقابل اشتراك، حيث أدت التقنيات الجديدة للبث الحي للفيديو والألعاب، مثل «نتفليكس»، و«أبل اركيد» وغيرهما، إلى تفتيت المحتوى، عبر تنوع وتعدد الخدمات، بما أدى في النهاية لأن يدفع المستخدم مرات عدة فيما كان يدفع فيه مرة واحدة.

مهاجمة المرافق

وتطورت الهجمات الإلكترونية وباتت تشكل تهديداً جدياً لشبكات المرافق العامة من كهرباء ومياه وغاز واتصالات ومواصلات وغيرها، وكان أبرزها هجوم عام 2015 على جزء من شبكة كهرباء الولايات المتحدة.

وعلى مدار السنوات العشر الماضية، شهدنا طفرة حقيقية في تقنيات انتهاك الخصوصية من انتشار لنظم المراقبة والرصد القائمة على الكاميرات، إلى تتبع بيانات الملايين عبر شبكات المعلومات المختلفة، ثم دخول الذكاء الاصطناعي عالم هتك الخصوصية، عبر نظم التعرف إلى الوجوه، والمساعدات الرقمية الصوتية الذكية.

ولم تسلم غالبية شركات التقنية الكبرى من التعرض لحوادث خرق البيانات، وتسريبها وبيعها بمنتديات وأسواق الإنترنت السوداء أو «المظلمة»، وشملت الخروقات أسماء بارزة من بينها «ياهو»، و«أدوبي» و«سوني»، و«لينكد إن»، و«فيس بوك» وغيرها، ما عرض مصالح وسلامة ملايين الأشخاص حول العالم للخطر.


وسائل التواصل

أكد مسح يجريه محللو موقع «سي نت نيوز» cnet.com، أنه خلال العقد الماضي، مكنت وسائل التواصل الاجتماعي من نشر الكراهية بمعدل غير مسبوق، وتم استخدامها لتمجيد العنف والتحريض عليه، والآن حينما يتحدث الناس عن الجانب المليء بالكراهية في «الإنترنت»، فإنهم يتحدثون في الغالب عن وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تبرز وتنشر الأسوأ لدى الناس بسهولة وسرعة حتى بات أي شخص عرضة لأن يجد نفسه في مرمى الكراهية الشديدة من الآخرين بلا مبرر موضوعي، بسبب تغريدة من 240 حرفاً، أو مقطع فيديو جرى تزييفه بعمق، وباتت مثل هذه الممارسات تغطي في بعض الأحيان على الجانب الإيجابي لوسائل التواصل كفضاء مفتوح لحرية التعبير.

الهجمات الإلكترونية باتت تشكل تهديداً جدياً للبنية التحتية.

تويتر